بعد هجوم صاروخي عنيف شنته الطائرات الحربية الإسرائيلية على مجمع الشفاء الطبي في غزة، بات المجمع بلا ماء ولا غذاء ولا كهرباء، ولا أوكسجين في غرف العناية المركزة حتى أعلن صباح أمس عن استشهاد طفل من الخدّج، إلى جانب ثمانية وثلاثين آخرين مهددين بالموت، بسبب نفاد الأوكسجين،  الذي كان يغذي تنفسهم، كي يظلوا على قيد الحياة ...!! وعلى شاشات فضائيات الفتنة يتدفق أوكسجين التكسّب الحرام على غرف التحرير الإخباري فيها لتعمل مع خبراء التحليل (...!!) والتطبيل كذلك، كمخرج هوليودي لهذه الحرب الهمجية، التي تواصلها إسرائيل الاحتلال والعدوان، ضد الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وليس هذا فحسب، وبل وتعمل كذلك على تحريف وتزوير الخطاب السياسي للشرعية الفلسطينية، وبغاية الإيحاء بتخاذله عن نصرة غزة وأهلها ...!! لم تحرك السلطة الوطنية جيوشها وأساطيلها الحربية للدخول في هذه الحرب (...!!) فاستوجب الهجوم عليها، والتشكيك بخطابها وحراكها السياسي، وموقفها المسؤول، المناهض للحرب، والساعي لإيقافها، فيما مَن لديه الجيوش، والمليشيات، والصواريخ بمئات الآلاف، الذي طالما كان يهدد إسرائيل، وحلفاءها، بالويل والثبور، حين أعلن عن مخاطر توسّع الحرب، وضرورة وقفها، بعد أن تنصّل من علمه بها، برغم و"حدة الساحات" عدّ موقفه موقفًا مسؤولًا وعقلانيًّا، ويُحتذى به في سبيل وضع حدّ لهذه الحرب الهمجية...!!

لا بأس، كل موقف يسعى لوقف هذه الحرب، وضد توسّعها، هو موقف مسؤول، وعقلاني، فلماذا لا ترى تلك الفضائيات ذلك في موقف الرئيس أبو مازن؟! هذا ليس كيلًا بمكيالين أبدًا. هذا الذي تعمل به في هذا السياق هذه الفضائيات، بل هو التّماهي مع غايات الحرب الإسرائيلية، الرّامية لتدمير المشروع الوطني الفلسطيني، المشروع التحرري، مشروع الخلاص من الاحتلال، وإقامة دولة فلسطين الحرة المستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية.  

هذه هي الحقيقة، وبقدر ما هي واضحة، بقدر ما يحاول خصومها الاستمرار في طعنها بالثرثرة الاستعراضية لعلهم ينجحون في طمسها تحت ركام هذه الثرثرة، غير أن بلاغة الدم الفلسطيني، دم الشهداء والجرحى لن يسمح بذلك أبدًا، وهو -اليوم- يضع النّقاط على حروفها لتكشف كلماتها حقيقة هذه الحرب الظالمة وكل مَن ساندها ودعمها بالسلاح والمال، والثرثرات الإعلامية معًا.