لقد قال سيادة رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية أبو مازن الكلمة الفصل، التي يفهمها القاصي والداني بوضوح لا يخضع لتأويل أو تفسير، وتحديدًا فيما يخص الثوابت الوطنية: "لا دولة في غزة، ولا دولة فلسطينية بدون غزة"، تمامًا كمقولته "لا انتخابات تشريعية بدون القدس" أما اليوم فإنه يعزز مبدأ استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، ويبرهن وهو على رأس قيادة الشعب الفلسطيني ودولة فلسطين على مصداقيته في الالتزام بما قرره المجلس الوطني، باعتباره الإطار التمثيلي لقوى الشعب الفلسطينية الوطنية والفاعلة والحيوية، باستحالة تجزئة الحل السياسي، أو التراجع مبدأ "دولة فلسطينية واحدة في الضفة وغزة وعاصمتها القدس الشرقية، ونظام سياسي واحد، وقانون واحد" ذلك لأننا شعب واحد، نرفض القسمة على أسس جغرافية أو غيرها، ومستعدون للتضحية حتى لا يتم فصل جزء عن الكل، فظل متمسكًا بمبدأ: "الحل السياسي الشامل" المقرر وفق قرارات الشرعية الدولية بعد إيقاف حملة الإبادة على الشعب الفلسطيني البالغة ذروتها في قطاع غزة، كأولوية، الأمر الذي أسقط مشاريع التهجير، ونكبة بعد 75 سنة بعد النكبة الأولى الكبرى 1948، وتصفية الحق الفلسطيني، وتحويله إلى ملف مساعدات إنسانية واقتصادية، كما نصت عليها خطة بلفورالثاني دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأميركية السابق، التي أسقطتها قيادة الشعب الفلسطيني بضربة قاضية، وجهها رئيس السلام، رئيس الشعب الفلسطيني بقوة 14 مليون فلسطيني، نحو دماغ إدارة الدولة الاستعمارية التي أنشأت إسرائيل، وحاولت إخضاع الشعب الفلسطيني بسياسات وتدخلات إقليمية عملت جميعها على تلبية أوامر البيت الأبيض، والدولة الاستعمارية العميقة المسيطرة حتى الساعة على سياساته.
لا يعرف المستخدمون والمسيرون لخدمة أجندات خارجية، معنى استقلالية القرار الوطني، ويظنون أن القيادة الفلسطينية الشرعية، ستخضع للتيار الأميركي -الصهيوني الجارف، فيسارعون إلى إطلاق بياناتهم ومؤتمراتهم الصحفية، ويبثون التهديد والوعيد، وينشرون مصطلحات يقرؤون خطايا التبعية للخارج على وجوههم، كلما نظروا لشخوصهم في المرايا، وكأنهم لا يعرفون تجارب القيادة الفلسطينية برئيسها أبو مازن في اتخاذ المصالح العليا للشعب الفلسطيني كمصدر هداية وإلهام وإبداع، وحكمة تعزز العقلانية والمعرفة الدقيقة، تمكنه من اجتياز حقول الألغام السياسية والخروج منها بأمان، أو بأقل الأضرار.
اليوم وبعد حوالي خمسة أسابيع على ابتداء حملة الإبادة الصهيونية، صمدت رواية الشعب الفلسطيني، ومواقف قيادته الثابتة، وانكفأت حملة التهجير القسري باتجاه الشقيقتين مصر والأردن، ونعتقد إلى حد اليقين أن دول العالم وتحديدًا منها الكبرى والدول السبع، والعشرين وغيرها أنها لن تستطيع إغفال الرواية الفلسطينية، وتجاوز الموقف الفلسطيني، لأنهم إن فعلوا فهذا يعني أنهم قصار نظر وضعاف بصيرة، يتسببون بأيديهم، وبقصورهم، وبامتناعهم عن محاسبة منظومة الاحتلال الصهيوني، وردعها بقوة القانون الدولي، سيتسببون في اختلال توازن الشرعية الدولية، وإخراجها عن سكة الاستقرار والسلام والتقدم، سلام إرادة الشعب الفلسطيني كخيار واقعي، واستجابة لنداء العالم في آن.
لا يحتاج سيادة الرئيس أبو مازن لمن يحفزه، أو يحثه لاتخاذ المواقف العاكسة لإرادة الشعب الفلسطيني، لأن من وضع القرار الوطني الفلسطيني المستقل معيارًا لقياس صواب خطواته نحو الحرية والتحرر والاستقلال، نحو عاصمة فلسطين، القدس الحرة المستقلة، على إيمان مطلق بحتمية اقتناع من ليس لديهم القدرة على الرؤية الثاقبة، والمعرفة بقوانين وقواعد سبل انتزاع الحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني، من الدول الاستعمارية والمنظومة الصهيونية العالمية، لكنه يفضل هذا الاقتناع الذي تؤكده وتبرهن عليه التجارب العملية، أن يكون قريبا وليس بعيدًا زمانيًا ومكانيًا، لأنه لا مجال لتفويت ساعة من زمن النضال الوطني، فكيف إذا تعلق الأمر بسنوات وعقود!!، ليتأكد الأخ والشقيق والصديق بصواب رؤيته ونهجه، وحكمته وواقعيته، فالمواقف المضادة اللامبررة واللامنطقية واللاموضوعية، المقررة في مراكز النفوذ لدى دول وقوى خارجية وإقليمية فقط، كانت ومازالت نقطة الضعف المعرقلة لمسار حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، كلفتنا الكثير من الدماء الإنسانية والدمار بلا مقابل.
وأخيرًا صار واجبًا أن يعرف الجميع أن القيادة الحكيمة العقلانية الأمينة على المبادئ والأهداف والثوابت، لا تحتاج لمن يطلب منها المواقف الوطنية في اللحظات المصيرية، لأن موقفها نابع أصلا من عين المنهج والبرنامج السياسي المقرر من المجلس الوطني الفلسطيني في منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، لكنها أكثر ما تحتاجه هو تبصر مواقفها، وقراءة عقلانية، لمنهجها وسلوكها السياسي، والتأكد بأن من أقسم على الإخلاص لفلسطين والعمل على تحريرها باذلا كل ما يستطيع، ستبقى فلسطين (الوطن) بشعبها وأرضها ووجودها للأبد في خريطة العالم السياسية، ستبقى نبض قلبه، والمحفز على توهج أفكاره، ووجهة بصره، وهدف حركته الواضح والمعلن بصدق وصراحة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها