يعكس تعيين المملكة العربية السعودية، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة الأردنية الهاشمية نايف بن بندر السديري، سفيرًا فوق العادة مفوضًا وغير مقيم لدى دولة فلسطين، وقنصلاً عامًا بمدينة القدس، العلاقات الفلسطينية السعودية المتأصلة والوطيدة، والتي تتسم بعمقها الإستراتيجي والتاريخي المتميز.

دعم غير مشروط لفلسطين وقضيتها منذ عهد الملك المؤسس:

موقف المملكة العربية السعودية العروبي المشرّف من فلسطين وقضيتها، بدأ منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، إذ قدمت المملكة دعمها اللامشروط ومساندتها للقضية الفلسطينية على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ودعت السعودية وشاركت في العديد من المؤتمرات والاجتماعات الخاصة بحل القضية الفلسطينية ابتداءً بمشروع الملك فهد بن عبد العزيز للسلام في القمة العربية التي عُقدت في مدينة فاس المغربية عام 1982 ووافقت عليه الدول العربية وأصبح أساسًا للمشروع العربي للسلام وفيما بعد لمؤتمر السلام في مدريد عام 1991، مرورًا بخارطة الطريق ومبادرة السلام العربية، التي اقترحها الملك عبد الله بن عبد العزيز (ولي العهد آنذاك) وتبنتها الدول العربية كمشروع موّحد في قمة بيروت في آذار/مارس 2002 لحل الصراع العربي الإسرائيلي.

مبادرات السلام، التي طرحتها السعودية وتبنتها الدول العربية، تطالب إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بالالتزام بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة التي تنص على الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة كافة منذ عام 1967، بما فيها مدينة القدس، وإزالة المستوطنات، وضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لجميع الأديان في الأماكن المقدسة.

كما تؤكد حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين، مع التشديد على أن "السلام العادل والشامل خيار إستراتيجي للدول العربية يتحقق في ظل الشرعية الدولية، ويستوجب التزامًا مقابلاً تؤكده إسرائيل في هذا الصدد".

وطالبت المملكة باستمرار، المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف الاعتداءات والممارسات الإسرائيلية العدوانية والمتكررة ضد الشعب الفلسطيني.

وفي هذا السياق، أدانت المملكة بناء الاحتلال الإسرائيلي لجدار الفصل والتوسّع العنصري، الذي قضم أراضي فلسطينية واسعة، وتقدمت بمذكرة احتجاج إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي تدين فيها قيام إسرائيل ببناء الجدار، وصدر قرار المحكمة بعدم شرعية هذا الجدار وطالبت إسرائيل بإزالته.

ردًا على "صفقة القرن": خادم الحرمين الشريفين يعلن تسمية قمة الظهران بـ"قمة القدس"

وفي عام 2018، وردًا على إعلان ما تسمى "صفقة القرن" التي اعترفت بموجبها الولايات المتحدة الأميركية بمدينة القدس، عاصمة لدولة الاحتلال، أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز خلال الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الـ29 التي عُقدت في مدينة الظهران السعودية، تسمية القمة بـ"قمة القدس".

وأكد البيان الختامي لقمة القدس، رفض قرار الإدارة الأميركية المتعلق بالقدس، وأن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية.

وجدد التأكيد على أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى وستظل كذلك، حتى حصول الشعب الفلسطيني على جميع حقوقه المشروعة وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

وشدد على استمرار تقديم الدعم والتأييد العربي اللازم لنصرة القضية الفلسطينية، وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران 1967، وفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية، وتحقيق السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط، والوقوف صفًا واحدًا بكثافة أمام كل المحاولات الرامية إلى تصفية قضية فلسطين وتهويد القدس الشريف، فضلاً عن دعم صمود أهلها بالوسائل الممكنة كافة.

وجددت القمة العربية الثانية والثلاثون التي استضافتها المملكة العربية السعودية في مدينة جدة، التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية للدول العربية، باعتبارها أحد العوامل الرئيسة للاستقرار في المنطقة.

وأدان القادة في إعلان جدة الذي صدر في 19 أيار 2023، الممارسات والانتهاكات التي تستهدف الفلسطينيين في أرواحهم وممتلكاتهم ووجودهم. وشددوا على أهمية تكثيف الجهود للتوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية، وإيجاد أفق حقيقي لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين، وفقاً للمرجعيات الدولية وعلى رأسها مبادرة السلام العربية، والقرارات الدولية ذات الصلة، ومبادئ القانون الدولي بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على الأراضي الفلسطينية بحدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

كما دعا إعلان جدة، المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ووقف الاعتداءات والانتهاكات المتكررة التي من شأنها عرقلة مسارات الحلول السياسية، وتقويض جهود السلام الدولية.

وشدد القادة على ضرورة مواصلة الجهود الرامية إلى حماية مدينة القدس المحتلة ومقدساتها، في وجه المساعي المدانة للاحتلال إلى تغيير ديمغرافيتها وهويتها والوضع التاريخي والقانوني القائم فيها، بما في ذلك عبر دعم الوصاية الهاشمية التاريخية لحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية وإدارة أوقاف القدس وشؤون الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، بصفتها صاحبة الصلاحية الحصرية، وكذلك دور لجنة القدس وبيت مال القدس في الدفاع عن مدينة القدس وصمود أهلها.

تنسيق وتشاور وتعاون مستمر بين قيادتي البلدين:

وتحرص القيادة الفلسطينية دوما على البحث والتشاور والتنسيق على المستويات كافة مع الأشقاء في المملكة، بشأن آخر تطورات القضية الفلسطينية والأوضاع في المنطقة، وتعزيز علاقات الأخوة الفلسطينية السعودية. وفي هذا الإطار، عقد رئيس دولة فلسطين محمود عباس عددًا من اللقاءات مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز.

وأشاد سيادته بالإنجازات الكبيرة والنهضة الشاملة التي حققتها المملكة العربية السعودية في المجالات المختلفة في ظل رؤيتها 2030، والعمل على تعزيز حضور المملكة ورفع  مكانتها الرائدة على المستويين الإقليمي والدولي، مثمنًا دورها الفاعل والمهم في دعم قضايا الأمة، وفي الطليعة منها دعم قضية شعبنا الفلسطيني، وصولاً إلى نيل حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال والسيادة في الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، والتمسك بمبادرة السلام العربية.

وعلى صعيد التعاون الثنائي، لا تتوقف المملكة العربية السعودية عن تقديم كل مساعدة ممكنة للفلسطينيين، والتي كان آخرها المساعدة في إجلاء الرعايا والطلبة الفلسطينيين من السودان، بعد الاشتباكات المؤسفة التي وقعت في نيسان/أبريل الماضي، وجرى إجلاؤهم عبر ميناء بورتسودان السوداني إلى ميناء جدة.

وقدمت المملكة دعمها المادي والمعنوي إلى القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني منذ القمة العربية في الخرطوم عام 1967، إلى جانب دعمها المستمر لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" للقيام بالدور المنوط بها وفقا لولايتها، إضافة إلى دعم موازنة السلطة الفلسطينية والمساهمة في بناء مؤسساتها، والدعم التنموي عبر الصندوق السعودي للتنمية وعبر الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والبنك الإسلامي للتنمية.

وتوفّر المملكة سنويًا كل التسهيلات الممكنة للحجاج الفلسطينيين، لأداء فريضة الحج. كما منحت مكرمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الفرصة لآلاف الحجاج من ذوي الشهداء والأسرى والجرحى لأداء فريضة الحج، في إطار التخفيف من معاناة شعبنا الفلسطيني وتعزيز صموده.

وتتمتع دولة فلسطين بتمثيل دبلوماسي رفيع المستوى في المملكة العربية السعودية، عبر سفارتها في العاصمة الرياض، وقنصليتها العامة في جدة.