بلال غيث كسواني
يترقب المقدسيون افتتاح العام الدراسي الجديد 2023/2024 بعد أسبوعين، وسط تغيرات أجرتها وزارة المعارف الإسرائيلية المسؤولة عن إدارة التعليم في القدس المحتلة بالتعاون مع بلدية الاحتلال، تهدف إلى إحلال المنهج الإسرائيلي أو الفلسطيني المزور مكان الفلسطيني الوطني في معظم المدارس، وسط رفض مقدسي قاطع للمدارس الخاضعة لبلدية الاحتلال ووزارة المعارف الإسرائيلية.
وتتجدد المخاطر بشكل أكبر هذا العام على التعليم والرواية الفلسطينية، وسط إعلان الاحتلال فرض إجراءات صارمة وتهويدية على مدارس القدس بشكل كامل، حيث منعت افتتاح أي مدرسة جديدة لا توافق على الشروط الإسرائيلية لتدريس المنهجي الإسرائيلي أو الفلسطيني المزور.
ويشير مراقبون إلى أن مقابل كل مدرسة خاصة وطنية يقوم الاحتلال بإغلاقها تحت حجج رفضها للمناهج الإسرائيلية، يتم فتح مدارس تقدم المنهاج الإسرائيلي، في ظل نقص الغرف الصفية وصعوبة التعليم بالقدس، لإجبار المقدسيين على تسجيل أبنائهم فيها، مستغلين الوضع الاقتصادي الصعب وعدم قدرة الأهالي على تسجيل أبنائهم في مدارس وطنية، وعدم توفر مقاعد في الصفوف الدراسية الموجودة.
كي الوعي بمناهج مزورة
وترى المدير العام لوحدة شؤون القدس في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية ديمة السمان، أن الاحتلال يُجري عمليات كي وعي كبيرة في القدس اتسعت بشكل كبير في العام الجاري والجديد، بما يشير إلى أن الاحتلال لم يكتفِ بمحاربة المناهج الفلسطينية بادعاء أنها "مناهج محرضة وتبث خطاب كراهية"، بل بدأ بتنفيذ خط للوصول بـ98% من مدارس القدس إلى تدريس المناهج الإسرائيلية، و2% فقط تدرّس المناهج الأجنبية.
وأشارت السمان إلى أن "مدارس المقاولات" وهي مدارس خاصة تدرّس المنهاج الإسرائيلي، ومدارس البلدية والمعارف الإسرائيلية التابعة للاحتلال تضم 54% من الطلبة المقدسيين في الوقت الحالي، والمدارس الفلسطينية التي تدرّس المنهاج الوطني تضم حوالي 34%، وحاولي 11% هي مدارس تابعة للأوقاف الإسلامية، و1% للأونروا.
وأضافت أن الاحتلال يستهدف هذا العام المدارس الخاصة تحديدا، حيث تقتحمها بشكل مباشر بلدية الاحتلال ويتم متابعة المناهج فيها وتهديدها بالإغلاق.
وقالت السمان: إن المناهج المزورة تنتهك 5 حقوق، أولها حق مركز المناهج المسؤول والذي له حقوق الطبع والنشر والتوزيع، وثانيا يتم انتهاك حقوق المؤلفين بحيث يتم التبديل والتزوير ويبقى اسم المؤلفين على الكتاب، وثالثا تنتهك حق ولي الأمر في اختيار المناهج المناسبة لأبنائه وهو حق تكفله كل المعاهدات الدولية، وكذلك حق الطالب الذي يتم تقديم معلومات مزورة له وتتنافى مع معتقداته، وأخيرا يجري انتهاك حقوق المدارس بفرض مناهج مزورة عليها.
وأضافت أن بلدية الاحتلال ترفض تدريس المناهج الفلسطينية في المدارس التابعة لها، وتتعامل مع مناهج مزورة يجري عبرها إعادة طباعة المناهج الفلسطينية وحذف كل ما له علاقة بالمناهج الوطنية، وإضافة ما يخدم أهدافها الاحتلالية. ويسيطر الاحتلال على 90% من المدارس الخاصة التي تحصل على مخصصات من بلدية الاحتلال، علما أن التعليم والصحة حقان للشعب المحتل على دولة الاحتلال.
واستذكرت السمان، وقفة المقدسيين المشرّفة إبّان احتلال القدس عام 1967، إذ أصروا على المناهج الأردنية في المدارس ورفضوا المنهاج الإسرائيلي، وتم فتح مدارس الأوقاف الإسلامية والمدارس الأهلية والخاصة الوطنية. وفي عام 2000، أصبح لدينا مناهج فلسطينية وحّدت جناحي الوطن بالضفة وغزة، تعالج مواضيع وتعكس نفسها على ثقافة الطلبة الوطنية وإرثهم التاريخي والحضاري، إذ تبنّت الدول المانحة طباعة هذه الكتب والمناهج قبل أن تتعرض لحملة ضغط لوقف تمويل طباعتها لذرائع ومبررات واهية وباطلة، في وقت تزخر فيه المناهج الإسرائيلية بالتحريض بالقتل والكراهية للعربي والفلسطيني.
الاحتلال يسعى إلى تهويد الرواية الفلسطينية عن القدس
وتقوم سلطات الاحتلال بدس السموم في مناهج التعليم التي تهدف بطرق شتى إلى تغريب الفلسطينيين عن أرضهم ووطنهم.
ويقول المستشار في ديوان الرئاسة المحامي أحمد الرويضي: "إن قرابة 85 ألف طالب يواجهون خطر تهويد المنهاج وفرض السياسة التعليمية للاحتلال عليهم، وهم يدرسون في 90 مدرسة، حيث لا تسمح سلطات الاحتلال الإسرائيلي ببناء مدارس جديدة، خاصة أن مدينة القدس بحاجة ماسة إلى بناء 1200 وحدة صفية جديدة، ليستطيع جميع الطلاب المقدسيين الالتحاق بالسلك التعليمي.
وأضاف الرويضي، أن معركة التعليم ليست معركة جديدة في القدس، بل بدأت بعد احتلال القدس عام 1967 مباشرة، بمحاولة إنهاء عمل المدارس التي تدرّس المنهاج الأردني وإلحاقها بالتعليم الإسرائيلي، وسيطر الاحتلال على بعض المدارس الكبيرة في القدس مثل الرشيدية والمأمونية في حينه، وتداعت شخصيات مقدسية تعليمية مهمة ورفضت ذلك وحافظت على التعليم الفلسطيني داخل المدينة.
وتابع: "أصبح هناك تعدد للمرجعيات التعليمية بالمدارس: فبعضها يتبع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، وبعضها يتبع لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وأخرى تتبع لمرجعيات وقفية كنسية إسلامية أو مسيحية، وبعضها تابع لبلدية الاحتلال، وظهرت في السنوات الأخيرة مدارس يطلق عليها "مدارس المقاولات" التي تدرّس المنهاج الإسرائيلي بالكامل، وتتبع وزارة المعارف وبلدية الاحتلال، بهدف تجهيل الفلسطينيين بتاريخهم ووطنيتهم في إطار معركة تجهيل أبناء القدس وفرض الرواية الإسرائيلية".
ورأى الرويضي أن الاحتلال يحاول من خلال فرض شروط جديدة على المدارس، تغذية النشء الجديد في القدس بروايته المزورة أصلا في مدارس حديثة يقوم ببنائها، في حين يمنع توسيع المدارس الفلسطينية، ويحاول أن يربط المدارس الخاصة بدعمه، لفرض شروطه على تلك المدارس منها أن لا تدرّس المنهاج الفلسطيني وتتبنى مفاهيم وزارة المعارف وبلدية الاحتلال.
ودعا الرويضي إلى العمل على تعزيز التعليم الفلسطيني في العاصمة، من خلال دعم الإمكانيات المتاحة لتطوير المدارس القائمة، وتطويع مزيد من البنايات لتصبح مدارس، وهو أمر بحاجة إلى دعم كبير من العرب أيضا وليس من الحكومة الفلسطينية وحدها، وحسب القانون الدولي، لا تملك إسرائيل حق فرض التعليم الإسرائيلي في القدس، فهي دولة محتلة باحتلال عسكري، ومن حق السكان أن يدرسوا وفق ثقافتهم العربية الفلسطينية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها