فاطمة إبراهيم
داخل كنيسة دير اللاتين وسط مدينة جنين، كان الأب لبيب دعيبس يستذكر ما حدث لمبنى الكنيسة قبل انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من مخيم جنين، عقب عدوانها فجر الإثنين الماضي.
ليل الإثنين، ألقت قوات الاحتلال قذيفة على مدخل كنيسة دير اللاتين، المحاذية للسوق في مركز المدينة، فاشتعلت النار في بوابة الكنيسة وامتدت حتى صالة الصلاة والغرف المجاورة لها، إضافة إلى تحطم زجاج النوافذ فيها.
ويصف الأب لبيب لحظة الانفجار قائلا: "كنت أجلس في الطابق العلوي من مبنى الكنيسة، حيث يوجد منزلي الحالي الذي أسكنه منذ سنوات، فسمعت صوت انفجار ضخم، أحسست أني طرت عن مقعدي من شدة الانفجار، في البداية، لم أُعِر بالا للموضوع، اعتقدت أن الانفجار حدث في الشارع القريب، خصوصا أن الأخبار كانت ترد بوصول قوات الاحتلال إلى دوار السينما في المدينة، بعد بعض وقت، بدأت رائحة حريق تصل إلى هنا، فذهبت لاستطلاع الأمر فوجدت هذا الدمار الكبير".
ويضيف: "كل شيء يشير إلى أن الانفجار ناجم عن قذيفة من جيش الاحتلال، كان مبنى الكنيسة القديم عبارة عن كتلة سواد، وصلت إلى صورة السيدة مريم العذراء، وكانت النوافذ محطمة بالكامل، وساعة الكهرباء ذابت تماما".
ويؤكد الأب لبيب أن لطف الله دفع كارثة أعظم كان من الممكن أن تصيب الكنيسة القديمة، فلو انفجرت ساعة الكهرباء لحدث حريق كبير لا يمكن السيطرة عليه، ليس في الكنيسة فحسب، لكن في الأبنية والمحلات المحيطة بها على امتداد الشارع.
وعلى الفور، وثق الأب لبيب الاعتداء المباشر على مبنى كنيسة اللاتين، وقام بمراسلة البطريركية اللاتينية في القدس التي نشرت الصور ومقاطع الفيديو الموثقة، عبر وسائل الإعلام المحلية والدولية.
يقول الأب لبيب: "زارتنا عدد من وسائل الإعلام العربية والأجنبية، كنت أشرح لهم ما حدث وكيف استهدفت إسرائيل دارا للعبادة معروفة في وسط جنين، وكنت أشدد على تكرار أن أفعال الاحتلال واضحة، وأننا شعب واقع تحت الظلم، ولا مكان آمن حتى دور العبادة".
ويضيف: "في الوقت الذي تعرضت فيه الكنيسة للاعتداء، كانت قوات الاحتلال بجيشها وعتادها وطائراتها تحاصر مسجد أنصار داخل مخيم جنين"، مشيرا إلى أن إسرائيل لا تحترم الأديان ولا تستثني أماكن الصلوات والعبادة، كل شيء مباح أمام آلية التدمير التي تمارسها.
ويذكر مشهد الاعتداء على كنيسة دير اللاتين في جنين بحصار جيش الاحتلال الإسرائيلي لكنيسة المهد في بيت لحم عام 2002، والذي استمر لقرابة شهر.
"ليس غريبا ذلك على قوات الاحتلال، يتغير الزمان، لكن أفعال الاحتلال وبطشه لا تتغير، عام 2002 تعرضت كنيسة المهد المكان الأقدس لدى المسيحيين لحصار كبير استمر لشهر، على مرأى العالم أجمع، واليوم تتعرض كنيسة اللاتين لاعتداء بالقذائف الإسرائيلية، كل ذلك هو استمرار للظلم الواقع على الفلسطينيين من الاحتلال"، يقول الأب لبيب.
يعيش الأب دعيبس في مقر كنيسة دير اللاتين منذ عام 2012، ويقوم بتأدية الصلوات في قاعة الصلاة التي وصلت النار إليها لحظة إطلاق القذيفة نحوها، وبنيت الكنيسة عام 1956، وتتبع لرعية الكنيسة اللاتينية في القدس.
ويقول دعيبس إنه شعر بغصة كبيرة حين رأى كل هذا الدمار في مبنى الكنيسة التي بنيت في خمسينيات القرن الماضي.
اليوم الإثنين، زار بطريرك القدس للاتين بيير باتيستا بيتسبالا، مقر الكنيسة، وتفقد الأضرار التي لحقت المبنى وغرف الصلاة فيه.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد شنت عدوانا واسعا على مدينة جنين ومخيمها فجر الإثنين الماضي، استمر على مدار يومين، وأدى إلى استشهاد 12 مواطنا بينهم خمسة أطفال وأكثر من 140 مصابا، بينهم 30 بجروح خطيرة، إضافة إلى تدمير البنى التحتية في المخيم وإلحاق أضرار جسيمة بمنازل المواطنين وممتلكاتهم.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها