إيهاب الريماوي
لم يكن زواج عبير قنيبي من مدينة الخليل في سنتها الدراسية الأولى بالجامعة، عقبة نحو تميزها وإبداعها وشغفها في مادة الرياضيات، إذ اعتلت طيلة دراستها الجامعية، ولاحقاً الماجستير، أعلى منصات الشرف والتتويج، وصولاً إلى فوزها بالعديد من الجوائز المحلية والإقليمية والدولية، وآخرها جائزة خليفة التربوية في التعليم العام عن فئة المعلم المبدع.
قنيبي هي أم لثلاثة أولاد ومثلهم من البنات، لديها سجل حافل بالجوائز، ففي عام 2016، حصلت على جائزة أفضل معلم في فلسطين، ومن ضمن أفضل 50 معلما في العالم لدى مؤسسة "فاركي" البريطانية، وأيضاً على لقب المعلم العالمي الممنوحة من مؤسسة AK الهندية عام 2020، إضافة إلى أنها زميلة في مبادرة الشرق الأوسط بالتعليم المحترف في جامعة هارفرد، وعضو في العديد من المنظمات المحلية والإقليمية والدولية، منها منظمة نساء في العلوم.
قنيبي، التي مثلت فلسطين في العديد من المحافل العلمية الدولية، التحقت في التدريس ابتداءً من عام 2001، وتنقلت بين عدد من المدارس في الخليل، ومنذ عام 2011، انتقلت إلى مدرسة وداد ناصر الدين الثانوية.
تقول قنيبي التي أنهت البكالوريوس من جامعة الخليل، والماجستير من جامعة بوليتكنيك فلسطين، إن أول ثلاث سنوات من التدريس كانت بالنسبة إليها فترة تجريبية، فهي كانت في هذه الفترة تبحث عن أساليب مبتكرة من أجل نقل شغفها وحبها لمادة الرياضيات إلى طالباتها، من خلال تمكينهن من الابتكار والبحث العلمي، حتى أنها طورت ما سمّته بنموذج "قنيبي" عام 2022، الذي يعمل على مأسسة البحث العلمي في المدارس الفلسطينية، ويسد الفجوة بين التعليم المدرسي والجامعي.
تجربة عبير في أسلوب تعليم مختلف ويتعمد على الابتكار انعكس على طالباتها، إذ شاركن في العديد من المؤتمرات العملية، وحصدن خلال مشاركاتهن في مسابقات محلية عدة جوائز، وترى أن هذا الشغف الذي وصل طالباتها يأتي بسبب تعزيز الاتجاهات الإيجابية والانتماء نحو مادة الرياضيات، كما أنها تنظر إلى نفسها على أنها ميسرة للتعليم أكثر من كونها معلمة.
وتضيف: "أسعى إلى ابتكار بيئة صفية عادلة، وآمنة، ومحفزة لأبنائنا الطلبة، وكل طالب يستحق تعليما جيدا وفريدا من نوعه. استخدمت العديد من الإستراتيجيات الحديثة أهمها: التعليم المتميز الذي يميز بين الطلبة حسب احتياجاتهم، فالإستراتيجية الواحدة لا تكفي للصف الواحد، فكل طالب لديه احتياجاته، ومادة الرياضيات مادة زاخرة ونعلم أنها مادة جامدة كما يقول البعض، لكنها مادة زاخرة بتكاملية المعرفة. وما بين المواد والتخصصات المختلفة طورت العديد من السياقات الحياتية لجعل هذه المادة محببة لدى الطلاب، فأنا شغوفة بالتعليم وأحب مادة الرياضيات، وأحب أن أنقل هذا الشغف إلى طلابي وزملائي".
وتتمحور معايير جائزة خليفة التربوية التي انطلقت عام 2007، والتي فازت بها المعلمة عبير عن فئة المعلم المبدع، إضافة إلى معلمين من السعودية والكويت والأردن والجزائر، حول تسعة معايير أساسية كالقيادة، والتعليم عن بعد، والكفايات التدريسية، والتواصل والشراكات المجتمعية، وتقييم التعلّم، والولاء والانتماء والمواطنة الإيجابية، والدراسات والبحوث، والتعلّم المستدام، والتنمية المهنية المستدامة.
ووفق قنيبي، فإن هذه المعايير العامة للجائزة يُترك فيها للمتقدم أن يبدع في الوصف والتعبير، فهي تحدثت عن كل معيار من هذه المعايير في أكثر من 50 صفحة، كما أن الجائزة تركز على عمل المعلم في آخر ثلاث سنوات، وبالنسبة إليها، فإن حصولها على هذه الجائزة مختلف عن باقي الجوائز الأخرى التي حصلت عليها، كونها تحتوي على شروط عالية، إلا أنها تمكنت خلال سنوات تدريسها من مراكمة خبرات جعلتها تحصد فيها الجوائز العلمية.
قاد التفكير "خارج الصندوق" عبير نحو الإبداع والتميز في التعليم، إذ ترى أن هذا ما ولّد لديها الإبداع، إضافة إلى تنمية المهارات وتطويرها، كما أنها قارئة وباحثة جيدة، وهذا ما جعلها تفكر بشكل مختلف، وتقدم مبادرات مختلفة، وأيضاً فإنها تفضل أن تكون طريقتها في التدريس تعطي بصمة مختلفة عن الآخرين.
لا يوجد مستحيل في قاموس عبير، غير أن الطموح هو المحرك الرئيس لها، فهي تعتقد أن مواصلة المشوار والتحسين والتطوير والجودة في العملية التعليمية هي الكفيلة باستمرار نمو هذا الطموح.
المصدر: وكالة أنباء وفا
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها