صُدم الشعب الفلسطيني بتصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التي هنأت من خلالها الإسرائيليين ورئيسهم هيرتسوغ فيما يسمى "بيوم الاستقلال لإسرائيل". أورسولا التي تنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم، وهي أول إمرأة تشغل منصبي وزير العمل والتأمينات الاجتماعية ثم الدفاع في ألمانيا، هنأت الإسرائيليين بعيد استقلال دولتهم باللغتين الإنجليزية والعبرية، وشددت على الروابط الثقافية والحضارية والإنسانية بين أوروبا وإسرائيل، وتحدثت بإطراء شديد عن إعجابها بهذه الديمقراطية الراسخة والمبتكرة والرائدة في الشرق الأوسط مشيرةً إلى إسرائيل على حد وصفها! كما أكدت أورسولا التحالف والصداقة القوية بين أوروبا وإسرائيل.

هذه التصريحات المستفزة تمت إدانتها من قبل وزارة الخارجية الفلسطينية، ومن قبل كافة فصائل العمل الوطني الفلسطيني. وتم اعتبارها انحيازًا واضحًا من قبل أوروبا لإسرائيل في عدوانها المستمر ضد الشعب الفلسطيني. 


في الواقع، اشتمل تصريح أورسولا العديد من المغالطات؛ أهمها: 


- عن أي مأساة ديمقراطية تتحدث أورسولا؟ فإسرائيل ليست دولة ديمقراطية، إنها دولة عنصرية لليهود فقط، وتقوم على إقصاء مواطنيها العرب وتحرمهم من حقوقوم الأساسية.
- عن أي دولة سلام تتحدث أورسولا؟ إن إسرائيل أكثر دولة في العالم خلال العقد المنصرم خاضت معارك واعتداءات عسكرية على جيرانها وعلى الشعب الفلسطيني، وتخصص هذه الدولة أكثر من 15% من موازنتها للجيش. 


- عن أي شعب يهودي تتحدث أورسولا؟ حيث لا يوجد شعب يهودي بالأساس، فالاسرائيليون ينتمون إلى عدة أعراق والرابط الوحيد الذي يجمعهم هو الدين.
- عن أي مأساة تاريخية تتحدث أورسولا التي مر بها اليهود حتى تمكنوا من إقامة دولتهم في أرض الميعاد؟؟ إنها تعترف بالرواية الصهيونية عن الروابط التاريخية والدينية لليهود في فلسطين بينما ينفي غالبية المؤرخين والأثريين بمن فيهم الإسرائيليون أنفسهم هذه الروابط.


- عن أي صحراء تم تحويلها إلى جنة تتحدث أورسولا؟ ففلسطين ليست صحراء وإسرائيل لم تحول النقب إلى جنة، بل إنها صادرت أراضي الفلسطينيين هناك، وهجرتهم من أراضيهم وأقامت مزارع استيطانية قليلة لم تتعد مدينة بئر السبع! 
في النتيجة، فإن أورسولا، كررت وعد بلفور بأسلوب عاطفي مثير للسخرية. وبدلاً من أن تتحدث عن نكبة الشعب الفلسطيني وتهجير مليون لاجئ فلسطيني وتدمير 530 قرية فلسطينية في حرب 1948، مجدت قيام هذه الدولة المارقة التي لم تنفذ كافة قرارات الشرعية الدولية بما فيها قرار 181 وقرار 194 اللذان كانا شرطين للاعتراف الأممي بهده الدولة. 


كان جدير بأورسولا وهي تتغنى بالروابط المشتركة التي نسجها مئات الآلاف من الأوروبيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية أن تشير إلى مسؤولية الدول الأوروبية عن الجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها هؤلاء المزدوجو الجنسية. 
وكان جديرًا بأورسولا وهي تنشد نشيد الصداقة والتحالف مع إسرائيل، أن تخجل من نفسها وهي تتغني بدولة فاشية عنصرية تقوم بقتل المدنيين الفلسطينيين في كل يوم. 
وكان حري بها أن تعترف بنكبة الفلسطينيين كما اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة بها مؤخرًا، وأن تعترف بدولة فلسطين إستجابة للاعتراف الأممي بنكبة الشعب الفلسطيني وقرارات الشرعية الدولية. 


وفي الحقيقة، إذا كانت أوروبا هي حليفة إسرائيل كما صرحت أورسولا نفسها، فهي تتحمل المسؤولية الدولية الأخلاقية والقانونية والسياسية عن نكبة الشعب الفلسطيني وجرائم الاضطهاد والتنكيل والتمييز العنصري التي تمارسها إسرائيل يومياً. وفي المحصلة، ومع كل هذه المغالطات، فإن على دول الاتحاد الأوروبي أن تقصي أورسولا من رئاسة المفوضية الأوروبية حفاظًا على روابط الصداقة مع الشعب الفلسطيني واحترامًا لقواعد القانون الدولي والديمقراطية التي تتغنى بها دول الاتحاد نفسها.

المصدر: الحياة الجديدة