بعد أحد الشعانين والجمعة الحزينة وسبت النور يهل علينا عيد قيامة السيد المسيح عليه السلام في السادس عشر من ابريل الحالي (2023)، وصعوده إلى السماء عند الخالق العظيم بعد أن صلبه اليهود، الرافضون نبوته ورسالته كرسول من عند الله، وكمجدد لتعاليم الدين والإيمان بالله الواحد الأحد، الذي لا شريك له، وأذاقوه صنوف التعذيب الوحشية، وهو غارق في دمائه النازفة، وأرغموه على السير وهو يحمل الصليب في درب الآلام، وبعد ثلاثة أيام من موته قام المسيح عليه السلام، وصعد الى السماء بمشيئة الرحمن، وكان ذلك إيذانًا بالخلاص من بطش وهمجية أعداء الله جل جلاله وحكمته وارادته وقدرته، وقهرهم وتجلى سيد السلام والمحبة والتسامح عيسى بن مريم عليه السلام في ميلاده، وفي تعميم ونشر رسالتة في أرجاء الدنيا. 

قام رسول السلام وانتصر على أعداء الحياة، قتلة الأنبياء والرسل، وصناع الفتن والحروب والدمار، وانتصرت دعوته وديانته، وسادت الأرض، ومازالت تشع نورًا في أرجاء المعمورة بين بني الإنسان، رغم مجيء رسالة الإسلام، التي حملها الرسول العربي الكريم، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، التي عمدت الديانتين المسيحية واليهودية الصحيحة، التي بشر بها الرسول موسى عليه السلام، وليست الديانة التي زورها وشوهها تجار الدين والدنيا من مغتصبي الديانة اليهودية الفسقة، وقلبوا جوهرها، وحرفوها، كما زوروا ويزورا الآن التاريخ والموروث الحضاري للشعب العربي الفلسطيني، ويسعون بمعاول فاشيتهم لنهب وطنهم الأم من النهر إلى البحر، ولكنهم كما باؤوا بالفشل والهزيمة أمام السيد المسيح عليه السلام، سيفشلون الآن أمام شعب الفدائي الأول، ومآلهم الرحيل والاضمحلال. 

وتميزت الديانتان المسيحية والإسلامية بانفتاحهما على بني الإنسان، ولم تقتصر على الأسباط الإثني عشر واتباعهما، وحاكت الإنسان في كل مكان بغض النظر عن هويتة ومكانه وعمره وجنسه ولونه، وحملتا رسالة الخالق جل وعلى بوحدانيته، والإيمان به وبكتبه ورسله، ونقلتا البشرية خطوات للإمام في تنظيم شؤون المجتمعات البشرية، في حين عانت الديانة اليهودية واتباعها من التآكل والصراع بين طوائفها ومذاهبها وأنبياءها الذين بلغ عددهم قرابة ال25 ألف، ومازالت حتى يوم الدنيا الراهن تنخرها الصراعات بين قبائلها الثلاث عشرة مع تبني الخزر اللاساميون تعاليمها. 

ومع حلول العيد الكبير للمسيحيين هذا العام شهدت فلسطين مهد المسيح عليه السلام، وقبلة المسلمين الأولى، والتي أسرى وعرج عليها الرسول العربي الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم صعودًا لأكثر الحكومات الإسرائيلية فاشية وهمجية وتغولاً في جرائم حربها ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني من المسيحيين والمسلمين، وتمارس البطش ضدهم، وضد طقوسهم ومعابدهم الدينية، وتحول دون السماح لهم بالاحتفاء باعيادهم، كما تفعل الآن مع اتباع الديانة المسيحية وحرمانهم من إقامة شعائرهم الدينية وخاصة منعهم من الاحتفال بسبت النور، الذي تجلت فيه قيامة عيسى بن مريم. كما تقوم في ذات الوقت بالاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى المبارك، ثالث الحرمين الشريفين، وتعمل من خلال انتهاكاتها الإجرامية على فرض التقسيم الزماني والمكاني فيه، كمقدمة لتدميره، وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، والاعتداء على المعتكفين من اتباع الديانة الإسلامية في شهر رمضان المبارك بحجج وذرائع واهية لا أساس لها من الصحة، كإدعاء ادخال المصلين المرابطين "أسلحة وادوات حادة" لمواصلة فرض أجندتها اللاهوتية وأساطيرها المزورة، ضاربة عرض الحائط بكل الاتفاقات المبرمة، وبهدف نسف الاستاتيكو التاريخي. 

ومع ذلك، فإن شيطنة الصهيونية الدينية للمواثيق الوضعية، والتعاليم الدينية السمحة بين اتباع الديانات السماوية الثلاث، ومحاولاتها صلب الشعب العربي الفلسطيني من اتباع الديانتين المسيحية والإسلامية بهدف قتل أبنائه ونفيهم، واغتصاب وطنهم الأم لتحقيق مآربها العنصرية والتطهيرية العرقية، وإقامة دولة إسرائيل الكبرى على كل أرض فلسطين التاريخية ومعها الأردن الشقيق وصولاً لتوسيعها من النيل إلى الفرات وفقًا لمخططها الاستعماري الناظم لدورها الوظيفي، الذي يتنافى مع ما تقدم، لن يفت في عضد الفلسطينيين العرب، وسيكون درب الآلام الصعب الذي يسيرون به مقدمة لقيامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئون لديارهم التي طردوا منها، وبالمقابل هلاك وتشتت الدولة المارقة والخارجة على القانون. 

وكل عام واتباع الديانة المسيحية بمختلف طوائفهم ومذاهبهم في فلسطين والعالم العربي والعالم أجمع بخير، والمجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبين الناس المسرة.