لا يمكن تفسير قرار رئيس حكومة منظومة الاحتلال والاستيطان الصهيوني العنصرية بنيامين نتنياهو بإيقاف دخول اليهود الى الحرم القدسي حتى نهاية شهر رمضان، إلا مراوغة لتقسيم قبلة المسلمين الأولى زمانيا، ريثما يتم تهيئة الأجواء على الصعيدين الداخلي والخارجي لإعلان ذلك رسميا! فثعلب السياسة يعلم أن الأعياد اليهودية تصادف نهاية الاحتفال بها مع بداية الأيام العشرة الأخيرة من رمضان التي لها مكانة خاصة عند المسلمين، فبدا نتنياهو بهذا القرار بقناع الحريص على تمكين المسلمين من أداء مناسكهم وشعائرهم، أو على الأقل كمستجيب لدعوات رسمية عربية ودولية، لإيقاف كرة النار الملتهبة المتدحرجة في ساحة الحرم القدسي والمسجد الأقصى، لكن رئيس حكومة المستوطنين الارهابيين الفاشية، لا يستطيع خداع العالم والتمويه على خطة تهويد المسجد الأقصى، فهو قد كسب حلفاء من أحزاب الصهيونية الدينية، والإرهاب الاستيطاني، لضمان بقائه على راس الحكومة لأطول مدة، ولا يمكنه التفريط بهم، لذلك ذهب الى خيار تجميد عملية دخول اليهود الى الحرم القدسي لمدة محدودة -نهاية شهر رمضان- ولو أنه ذهب الى خيار منع دخول المستوطنين واليهود المتطرفين دون سقف زمني، لأسقطته احزاب المستوطنين والصهيونية الدينية في اليوم التالي، فنتنياهو مرفوع على سدة رئاسة الحكومة ليس بفضل اصوات حزب الليكود وحسب، بل بفضل اصوات اعضاء احزاب تشكل ائتلافه الاجرامي، وأصوات أكثر من 64 منظمة وجماعة يهودية ارهابية عنصرية على اساس ديني، تلتقي جميعها مع الصهيونية الدينية عند نقطة تدمير المسجد الاقصى، وإعادة بناء هيكلهم المزعوم! وهذه اسماء بعضها على سبيل المثال لا الحصر: احياء الهيكل، حراس، معهد الهيكل، الحركة من احجل انشاء الهيكل، اسرائيل الفتاة، بناء الهيكل، وجماعة الكهنة، امناء الهيكل، التاج الكهنوتي، الاستيلاء على الأقصى، الى البدء، حراس المكبر، هتحيا، لفتا اليهودية، هيكل القدس، لاهافا، عطيرت كوهانيم، اقامة الهيكل واسمها بالعبري "هتنوعا هلكينون همقداش" وبيتار، منهيجوت يهوديت، آل هار هاشم، الى جبل حامور، محكمة الهيكل، عظمة يهودية لبن غفير، هليبا، صندوق تراث جبل الهيكل، يرائيه، عائدون الى الجبل، ويمكن للقارئ المتابع الاطلاع على تفاصيل متعلقة بأسماء مؤسسيها وخلفياتهم الارهابية والعنصرية الدينية وأهدافها تحت عنوان (المنظمات والحركات والجماعات المتطرفة في إسرائيل) بقسم –مركز المعلومات الوطني الفلسطيني- في موقع وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا).
يعتقد نتنياهو بمذهب منح معارضي سياساته الداخلية والخارجية جرعات مسكنة، تفيده في كسب الوقت وتعزيز قدراته على المراوغة والالتفاف كلاميا وفعليا، إلى حين تهيئة ظروف، وتجسيد وقائع، يسهل معها تنفيذ مخططاته، فهو أشد تطرفا من بن غفير وسموتريتش، لكن رغم براعته -على عكسهما- في اللعب على حبال السياسة الداخلية الاسرائيلية، إلا أنه ككل رؤساء حكومات منظومة الاحتلال الاستيطاني الصهيوني منذ انشائها، غشيت غطرستهم على بصائرهم وبصيرتهم، ومنعتهم من رؤية حقيقة تاريخية ثابتة، وهي ان الشعب الفلسطيني مازال قادرا على احداث زلازل –حتى لو لم تصل بعد الى مستوى المدمرة– لكنها على الأقل مانعة لاستقرار مسار المشروع الصهيوني الاحتلالي الاستعماري الاستيطاني، وتجعل تحقيق اهدافه اقرب للمستحيل، فللقدس والمسجد الأقصى الشعب الفلسطيني يحميهما، ويحمي المقدسات المسيحية والإسلامية في كل ارض فلسطين التاريخية والطبيعية، فأتباع الصهيونية الاستيطانية والدينية أو السياسية على حد سواء لا يؤمنون بالسلام مهما ادعوا، فحكومة نتنياهو الفاشية لا تستطيع اخفاء جرائمها اليومية بحق الشعب الفلسطيني، ورفضها المطلق للسلام، وتحقيرها المواثيق والقوانين الدولية، وإصرارها على انكار الحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني في ارض وطنه فلسطين، ورفضها الاقرار بحقوقه الانسانية والسياسية الطبيعية، لذا فإن هذه الحكومة معنية بتأجيج نار صراع ديني، الله والشرائع السماوية منه براء.. أما نحن فعلينا اليقظة والانتباه، والاستعداد والاعتداد والتسلح بالوحدة الوطنية، وإعلاء المصالح العليا للشعب الفلسطيني، لإخراج قطار مشروع حكومة المستوطنين والصهيونية الدينية عن سكته، ولا نركن الى شعارات جوفاء، ولا تحليلات النافخين في الفقاعات، فالغزاة المحتلون المستوطنون وضعوا نصب اعينهم تدمير مقدساتنا حتى لا يبقى لنا رمز حضاري على هذه الأرض، وليس امامنا إلا الحفاظ على الأمانة، والوفاء لقسم الاخلاص لفلسطين.
المصدر:الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها