قال المشرف العام على الإعلام الرسمي الوزير أحمد عساف، إن استهداف سلطات الاحتلال الإسرائيلي للإعلام الرسمي الفلسطيني يعتبر سياسة ممنهجة تقوم بها الحكومة الإسرائيلية، حيث جددت منع عمل الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في مدينة القدس للمرة الخامسة خلال ثلاث سنوات.
جاء ذلك خلال مؤتمر عُقد بمقر الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بمدينة رام الله، اليوم الأربعاء، لإطلاع سفراء وقناصل على جرائم الاحتلال بحق الإعلام الرسمي.
واستهل الوزير عساف، حديثه عن اقتحام مخابرات الاحتلال الإسرائيلي قبل يومين مقر الشركة التي تقدم خدمات إلى إذاعة وتلفزيون فلسطين، حيث تم استدعاء طواقمها كافة، وأُخضعوا للتحقيق لعدة ساعات، وأُبلغوا بقرار منع تقديم أي خدمة إلى طواقم الإعلام الرسمي تحديداً.
واستعرض الوزير عساف، الاعتداءات التي تعرضت لها طواقم الإعلام الرسمي منذ عام 1994، إذ أشار إلى أن 9 صحفيين استُشهدوا منذ ذلك العام، وكانوا جميعهم يعملون في الميدان ويرتدون لباسهم الصحفي، فيما أصيب 200 صحفي من الإعلام الرسمي، رغم أن عدد المراسلين في جميع المحافظات يصل إلى 60 مراسلاً، وهذا يعني أن كلهم أصيبوا، وبعضهم أكثر من مرة، وهذا ما يدل على حجم الاستهداف المباشر لطواقم الإعلام الرسمي.
وتابع: "منذ عام 2015 اعتُقل 26 صحفياً من طواقم الهيئة، واعتُقلوا أثناء قيامهم بعملهم الصحفي، لأنهم كانوا يقومون بواجبهم المفروض أن يكون مصونا ومكفولا بالقانون الدولي، إضافة إلى أن طواقم الهيئة احتُجزت مئات المرات، وأعيق عملها بشكل مباشر، وهذا دليل إضافي على أن طواقمنا مستهدفة بشكل مباشر، فيما تم الاعتداء على مقدرات الهيئة من تكسير للكاميرات، ومصادرة معدات، وتخريب سيارات البث، والتي وصل عددها إلى 6 سيارات".
وتطرق الوزير عساف إلى جرائم الاحتلال المرتكبة بحق الإعلام الرسمي منذ عام 2000، إذ قصفت طائرات الاحتلال في 12-10-2000 محطة الإرسال والتغذية الهوائية بمدينة رام الله، والتي تحتوي أيضاً على أجهزة البث الرئيسة، وفي 20-11-2000 قصفت طائرات الاحتلال مقر إذاعة صوت فلسطين في قطاع غزة، وفي 13-12-2001 فجّر الاحتلال مرة أخرى محطة الإرسال الرئيسة برام الله، وفي 19-1-2022 فجر الاحتلال مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون في حي أم الشرايط بمدينة البيرة، وفي 21-2-2022 أعيد تفجير أستوديوهات صوت فلسطين وبرج الإرسال في قطاع غزة.
ولفت المشرف العام على الإعلام الرسمي، إلى أن الإعلام الرسمي يواكب التطور في عالم "السوشال ميديا" إذ دشن نحو 25 منصة، تبث بـ7 لغات مختلفة، وذلك للحرص على إيصال رسالة الشعب الفلسطيني إلى العالم.
يضيف الوزير عساف، غير أن منصات "السوشال ميديا"، استجابت لـ90% من طلبات الحكومة الإسرائيلية لحظر المحتوى الفلسطيني، وأكد أن محتوى الإعلام الرسمي تعرض خلال العام الماضي لـ50 انتهاكا.
وأشار إلى أن المحتوى الفلسطيني يحارب بتهمة "التحريض"، لأنه فقط يغطي الأحداث الميدانية، كأخبار الشهداء والجنازات وجميع جرائم الاحتلال بحق شعبنا، لافتاً إلى أن هناك دعوات مباشرة إلى القتل ينادي بها مسؤولون إسرائيليون بشكل يومي، فيما تقوم الهيئة برصد يومي لهذا التحريض الإسرائيلي، والتي رصدت عشرات آلاف الدعوات للقتل التي تبثها وسائل إعلام إسرائيلية عبر مختلف منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وهي ذاتها التي تحارب المحتوى الفلسطيني، لأنه نشر صورة شهيد أو اسم شهيد، أو تشييع شهيد، في المقابل تسمح للإعلام الإسرائيلي بأن يصف الشعب الفلسطيني بأبشع الأوصاف، وفي تحريض واضح لقتله وتهجيره.
وأردف: "هذه المعايير المزدوجة أصبحت فاضحة لا يمكن السكوت عنها، فالاحتلال يريد بشكل واضح أن يحجب صوت الشعب الفلسطيني، وأن يواصل ارتكاب جرائمه بصمت، حتى يحافظ على كذبته بأنه دولة ديمقراطية تحترم حرية العمل الصحفي، غير أن الواقع مختلف تماما".
وتابع الوزير عساف: "لم يُردع الاحتلال لقتله للصحفيتين شيرين أبو عاقلة وغفران وراسنة، ولم يُحاسَب ولم يقدَّم قادته إلى المحاكمة الدولية، فحتى بيانات الشجب لم نعد نراها، وكأن استهداف الإعلام الفلسطيني بالطائرات والدبابات والقتل والاعتقال أمر طبيعي، في المقابل يتم الاحتفاء بالإعلام الإسرائيلي في بعض عواصم العالم كأنه إعلام بطل، رغم أنه يروج لهذه الدولة العنصرية المارقة".
وقال: "ما يسمى بوزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير نشر على صفحته أن مكان قناة فلسطين هو سوريا، فإذا كان مكاننا سوريا، فيفترض أن يكون مكانه خلف القضبان وفي محكمة الجنايات الدولية، هو وحكومته، فنحن سنبقى موجودين على هذه الأرض".
وأكد الوزير عساف، أن هيئة الإذاعة والتلفزيون لن تترك القدس فريسة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، رغم كل هذا المنع والقمع والاعتداء، وستواصل تغطيتها لصمود المقدسيين على أرضهم ومقدساتهم التي تتعرض يوميا للاعتداء، ورغم إغلاق مكتب تقديم الخدمات، للهيئة فإن عشرات الفيديوهات تصلنا من القدس، قمنا ببث جزء منها وسنبث كل الانتهاكات بحق مدينتنا المقدسة.
ودعا إلى ضرورة وقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الإعلام الرسمي الذي يقوم بواجبه المهني تجاه شعبه، مشدداً على أن كذبة "التحريض" التي تدعيها حكومة الاحتلال تستخدمها إسرائيل لمحاربة الإعلام الفلسطيني، محذراً من أنه إذا لم يتم ردع هذه المنظومة فإن البديل سيكون قتل كل الصحفيين الفلسطينيين، الذين هم أصحاب مشروع، وهم مصرون على البقاء في الميدان لتغطية هذه الجرائم إلى كل مكان في العالم، مشيراً إلى أن الهيئة ستتابع ملف الجرائم بحق الإعلام الرسمي في مختلف الأصعدة العربية والدولية، حتى يقف العالم أمام مسؤولياته لوقف هذه الجرائم.
من جانبه، قال نقيب الصحفيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر، إن حكومة الاحتلال الإسرائيلي أعلنت في 15-2-2016 بشكل صريح حرباً واسعاَ ضد الإعلام الفلسطيني، غير أن هذا الإعلان مر مرور الكرام، ولم يتم مجابهته أبداً.
وأضاف: "نشعر اليوم أننا وحدنا، ولا أحد يقف معنا، ولا أحد يريد محاسبة القاتل، والكل ينتظر خطئاً من الضحية حتى يبدأ بمهاجمته".
ولفت أبو بكر إلى رصد 8600 اعتداء وجريمة موثقة بالصور والفيديوهات بحق الصحفيين منذ عام 2013 حتى اليوم، ويعني ذلك أن 3 جرائم اعتداء تقع يومياً.
وتابع: "منذ عام 2000 استشهد 55 صحفياً برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، آخرهم الصحفيتان شيرين أبو عاقلة وغفران وراسنة، ونرى بأن الصحفيين يذبحون ولا يحرك أحدهم ساكناً، ففي عام 2022 وقع 920 اعتداء بحق الصحفيين، فيما رصد 20% من هذه الاعتداءات بحق الصحفيات.
وأشار أبو بكر إلى أن العام الماضي شهد تطورا خطيرا في نوعية الاعتداءات بحق الصحفيين، حيث أطلق العنان للمستوطنين في ارتكاب جرائمهم بحق الصحفيين، حيث ارتكب المستوطنون 150 اعتداء بحق الصحفيين.
وأضاف "أكثر مدينة تعرض فيها الصحفيون للاعتداء هي مدينة القدس التي تعتبر أصل الحكاية والرواية للشعب الفلسطيني، وفيها يخوض الاحتلال حرباً على الرواية الفلسطينية، وينشر ماكينة إعلام لتزوير التاريخ".
وطالب أبو بكر، قناصل وسفراء الدول بأن يكون لها موقف أمام هذه الجرائم الممارسة بحق الصحفيين الفلسطينيين، محذراً "إذا تتحرك دول العالم للجم حكومة الاحتلال فإنها ستوزع من دائرة جرائمها ولن تكون لديها أي محرمات".
أما الصحفية لانا كاملة وهي إحدى العاملات في المكتب المزود للخدمات لهيئة الإذاعة والتلفزيون، والتي استدعت مع زملائها للتحقيق قبل أيام، وسلموا قرارا بمنع العمل لصالح الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، فتحدثت عن الإجراءات العقابية التي تمارس بحق الصحفيين المقدسيين العاملين في الميدان وتعرضهم للضرب والتنكيل بشكل ممنهج ومقصود من قبل جنود الاحتلال من أجل عرقلة عملهم الصحفي، وللاعتقال.
وأما مراسل تلفزيون فلسطين علي دار علي، فأكد أن جنود الاحتلال يستهدفون بشكل مباشر المراسل الصحفي، وتطرق غلى تجربته الخاصة في هذا السياق، حيث تعرض لعدة إصابات خلال تغطيته الميدانية فأصيب بالرأس واليد والخاصرة، كما تعرض للاعتقال لمدة 30 يوماً بسبب عمله في هيئة الإذاعة والتلفزيون.
أما مصور تلفزيون فلسطين محمد راضي، فقال إنه تعرض لاستهداف مباشر ومن مسافة قريبة جداً، حيث أصيب بالوجه، رغم أنه كان يرتدي اللباس الصحفي الكامل، فيما تعرض أكثر من مرة للاحتجاز والتنكيل في عدة مناطق.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها