عبد القادر الحسيني من أوائل الذين فجروا ثورة العام 1936

ياجماهير شعبنا الفلسطيني في الداخل وفي الشتات، وخاصة في القدس.

إنَّ عبد القادر الحسيني سعى قبل معركة القسطل للتواصل مع اللجنة العسكرية العليا التابعة للجامعة العربية، وحاول وضعهم أمام مسؤولياتهم التاريخية إلاَّ أنه لم يجد مواقف جدية منهم، ثم عاد إلى بلدة القسطل ليخوض المعركة الشهيرة تحت شعار إما النصر وإما الشهادة.

عاد عبد القادر مع أصحابه المجاهدين الذين انضموا إليه وبلغ عددهم حوالي خمسماية مقاتل، وقاموا مباشرة بحصار القسطل في 8/4/1948، وتمكَّن الشهيد عبد القادر الحسيني مع الشباب المندفعين لتحرير القدس وضواحيها من رجس الاحتلال المدجج بالسلاح والذخائر والآليات، وقَتل من جنود الاحتلال ما يقرب من مئة وخمسين جندياً. كما استشهد من الفدائيين الفلسطينيين ما يقارب الثمانين. وكانت الخسارة الكبيرة باستشهاد المجاهد الكبير والقائد المقدسي التاريخي عبدالقادر الحسيني، وهذا ما انعكس على معنويات المقاتلين الفلسطينيين، خاصة أن الهجوم الصهيوني الذي فاجأ الجميع كان معززاً بالجنود والسلاح، وقوامه فرقة مدربة مثل الهاجانة، والذي تمكَّن من السيطرة على القسطل. وفي الليلة نفسها قامت هذه الفرقة الصهيونية الحاقدة والمدربة خصيصاً لارتكاب المجازر باقتحام قرية دير ياسين قرب القسطل بعد محاصرتها، وقيام ضباطها وعناصرها بتجميع الأهالي من أطفال ونساء ومسنين، وممارسة الجريمة بأبشع صورها مما أدى إلى استشهاد حوالي مئتين وخمسين شهيداً على الاقل، ومارسوا التمثيل في جثث النساء الحوامل، والأطفال، والرجال.

والتاريخ يتحدث وبلسان شهود عيان عن جرائم بشعة لم يرتكب مثلها لا النازيون، ولا الفاشيون. وكان الهدف من تقطيع الأوصال، ونحر الأعناق إثارة الرعب والخوف في قلوب القرى الأخرى من أجل أن يرتعبوا، ويرحلوا إلى أماكن لجوء خارج الارض الفلسطينية.

إنَّ مناحيم بيغن الذي قاد هذه المجزرة يفتخر بأنَّ المجازر التي ارتكبها ضباطه وجنوده في دير ياسين، كانت سبباً في إرغام الفلسطينيين على الهروب خوفاً من الموت.

والمؤلم أن هذه الجرائم الرهيبة مرَّت دون أية ردات فعل أو إدانات من هيئات ودول العالم. علماً أن هذه المجزرة وغيرها من المذابح جاءت بعد قرار التقسيم، الذي أقرَّته الأمم المتحدة بأغلبية الأصوات المناصرة لبريطانيا وأميركا والحركة الصهيونية، وغياب الموقف الاسلامي والعربي لأنه غير مؤثر، ويومها في 29/11/1947 أُخذ القرار المشؤوم 181 الذي قسَّم الاراضي الفلسطينية إلى قسمين، قسم تحت السيطرة الصهيونية وهو 54%، والقسم الآخر تحت السيطرة العربية بحدود 44% وما تبقى يكون للقدس المدوَّلة التي تكون مشتركة.

علماً أن نسبة السكان اليهود يومها كانت حوالي 32%، أما العرب فيشكلون 68%. والفلسطينيون كانوا يملكون 93،5% من أرض فلسطين. ومن هنا يبرز حجم المؤامرة الصهيونية الدولية على دولتنا فلسطين، وعلى أرضنا، وعلى شعبنا المتجذِّر في أرضه. إنَّ معركة القسطل ورمزها عبد القادر الحسيني تبقى العنوان الوطني الأشمل لكفاحنا الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني، والاستعمار البريطاني، وفي أحلك الظروف، ويومها كان الجميع في موقف المتفرج، وأصرَّ الشهيد عبد القادر الحسيني والد الشهيد فيصل الحسيني أن يخطَّ بدمائه صفحة وضاءة من المجد الفلسطيني.

وفي ذكرى معركة القسطل تجدر الاشارة إِلى أنَّ الشهيد عبد القادر موسى كاظم الحسيني كان له الدور المركزي في مجابهة الجيش البريطاني والعصابات الصهيونية حتى تاريخ استشهاده. وكان شغله الشاغل باستمرار إعداد العدة، والتدريب، والتسليح. وعندما استشهد أثناء اقتحام قرية القسطل ، تم نقل جثمانه، ودفن إلى جوار والده في باب الحديد، وعمره لم يكن يتجاوز الأربعين. علماً أنَّ المرحوم عبد القادر الحسيني فقد والدته بعد ولادته بعام ونصف وذلك العام 1910.

كان عبد القادر رحمة الله عليه من اوائل الذين فجَّروا الثورة التاريخية العام 1936. ونفذ العديد من العمليات العسكرية، ومعه العديد من خلايا الثورة الفلسطينية. وقد ساعده في دوره القيادي أنه درس القرآن الكريم وآمن بالجهاد المقدس، كما أنه التحق بالجامعة الاميركية في القاهرة، ثم في بيروت، ودرس الكيمياء، والآداب، و الرياضيات، وانجز دورة ضباط عسكرية، ثم التحق بالحزب العربي الفلسطيني بالقدس.

وكما كنا كشعب فلسطيني العام 8/4/1948 في معركة القسطل، كنا كذلك في كل مراحل كفاحنا الوطني، وأطلقنا ثورتنا العملاقه بقيادة حركة فتح، وخضنا معركة الكرامة، وصمدنا في كل مراحل التحدي. في بيروت صنعنا الأساطير، وفي طرابلس حملنا منظمةَ التحرير على ظهورنا ونجونا. وأثبتنا رجولتنا في الانتفاضة الأولى والثانية، وفي عرين المقاطعة في رام الله، لم نستسلم، ولم نرفع راية بيضاء. ونحن أنفسنا لم نتغيَّر وما زلنا نرفع رايتنا، وعلمنا يرفرف على كل التلال المباركة، وعلى مداخل المدن والقرى الفلسطينية، في الضفة، والقدس، وقطاع غزة وأراضي الثمانية وأربعين.

إنَّ ثبات شعبنا على أرضه، ومقاومته للاحتلال، والتفافه حول قضاياه المركزية والجذرية، مثل القدس العاصمة الأبدية، وحق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وحق العودة المقدس إلى إرضنا.

كل ذلك يشكل الضمانة الوطنية الحقيقية للانتصار على الاحتلال، واعلان الاستقلال.

التحية إلى أهلنا في كل ساحات الصراع ضد الاحتلال، والتحية الى كل شهدائنا الابرار الذين ضحوا من أجل حريتنا وكرامتنا، والتحية إلى كل الأسرى والمعتقلين، بمن فيهم من النساء، والمرضى، والأطفال، والحرية على الابواب، والتحية لكل الجرحى والمعوَّقين، إنَّ دماءَكم التي نزفت من جراحكم هي الزيت المقدَّس الذي سيضيء طريق النصر.

وانها لثورة حتى النصر.

قيادة حركة فتح في لبنان

إعلام الساحة

2020/4/8