ما صرح به وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش، وهو أحد أبرز أقطاب الصهيونية الدينية حول عدم وجود شيء اسمه الشعب الفلسطيني. وأن هذا الوجود "بدعة عمرها 100 سنة "، هو أحد الأسس، المكونة للصهيونية. دعونا نتذكر هنا لماذا تم اغتيال رابين العام 1995، لأنه ببساطة اعترف في اتفاقات أوسلو بالشعب الفلسطيني فدفع حياته ثمنًا ذلك.

وبما يتعلق بالأردن الشقيق. فلطالما كانت الصهيونية تعتبره جزءاً أصيلاً من " أرض إسرائيل"، وبعد قرار تقسيم فلسطين عام 1947، وبهدف تبرير تشريد الشعب الفلسطيني، أعلن قادة المشروع الصهيوني، تكتيكيًا أن "شرق الأردن هو فلسطين. من هنا فإن كل ما فعله سموتريتش هو أنه كشف المستور، وكشف حقيقة الصهيونية، والذي يحاول قادة إسرائيل إخفاءه عندما يتحدثون عن التطبيع مع الدول العربية، لقد أعاد الصراع ببساطة إلى مربعه الوجودي أي "إما نحن وإما هم".

يمكن تفحص الموقف الصهيوني من الشعب الفلسطيني، لقد جاء الصهاينة الأوائل إلى فلسطين وهم يرفعون شعار "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، ومنذ البدايات كانت حدود " أرض إسرائيل في المشروع الصهيوني" فضفاضة تتسع وتضيق حسب الظرف ولكن غالبًا ما كانت تشمل فلسطين التاريخية من البحر للنهر والأجزاء الغربية من شرق الأردن حتى أطراف الصحراء، وجنوب سوريا حوران والجولان وجنوب لبنان حتى نهر الليطاني، وشمال سيناء حتى العريش. وفي الميثالوجيا العبرية فإن جغرافيا التوراة وارض إسرائيل تعتبر العراق مهد الديانة اليهودية الأول التي جاء منها سيدنا إبراهيم.

المرة الوحيدة التي اعترفت فيها إسرائيل بالشعب الفلسطيني هي في اتفاقيات أوسلو، التي كما ذكرنا أن رابين دفع حياته ثمنًا لهذا الاعتراف.

تصريحات سموتريتش ليس فيها  جديد من حيث المبدأ ولكن أن يصرح وزير بمنصب رسمي في الحكومة الإسرائيلية ويقول ليس هناك شيء اسمه الشعب الفلسطيني، فهذا يعني أن كافة ابواب السلام قد أغلقت وعاد الصراع إلى كونه صراعًا وجوديًا لا ينتهي إلا بنهاية أحدهما أو كليهما. أما بما يتعلق بالأردن الشقيق فقد كشف أن التوسع شرقًا لا يزال يعشش في عقل الصهيونية.

حتى في التسهيلات الأخيرة التي أعلنتها الحكومة الإسرائيلية أول أمس بخصوص شهر رمضان، هل دققنا بالنص؟ هم يقولون "السكان الفلسطينيون في يهودا والسامرة " أي أن الشعب الفلسطيني مجرد سكان ليسوا شعبًا ولا حقوق سياسية او ملكية لهم بالأرض حتى في الضفة. ربما من المهم أن نتذكر أيضًا أن الصيونيين الأوائل عندما وطأت أقدامهم أرض فلسطين ووجدوا أنها مسكونة بشعبها، قاموا بابتداع فكرة أن هؤلاء الفلسطينيين قد جاءوا لفلسطين من الدول العربية المجاورة عندما بدأوا يسمعون" أن الصهيونية بدأت تطور البلاد وتزرعها ".

لقد أعاد سموتريتش الصراع إلى مربعه الأول أنه يعد ويقترح صراعًا بلا نهاية، إلا بفناء أحد الطرفين..فهل هذا ممكن؟

علينا أن نأخذ تصريحات سموتريتش على محمل الجد فهو ليس أحد قادة المستوطنين المتطرفين  يقول رأيه ويمشي أنه وزير في الحكومة الإسرائيلية وهذه الأخيرة لم تتنصل من تصريحاته، كما على الدول العربية المتعجلة في خطوات التطبيع أن تأخذ تصريحات ووزير المالية الإسرائيلي على محمل الجد وإلا ذهبت ريح الأمة وليس الفلسطينيين وحدهم.

 

المصدر: الحياة الجديدة