كان وما زال اعتقادنا أن منظومة الاحتلال الإسرائيلي سيأتي عليها يوم تتآكل من داخلها وتتصدع قبل إنهيارها النهائي بفعل صدمات زلزال صمود ونضال الشعب الفلسطيني، لكن وللحقيقة ما كنا نعتقد أننا سنشهد هذه البدايات في حياتنا، حتى وإن كنا نرى في تمنيات بنيامين نتنياهو برؤية إسرائيل بعمر الثمانين كإنجاز تاريخي، إحدى علامات التفسخ التي بدأت تستشري تحت ظهر وجلد وفي نخاع الهيكل العظمي للمنظومة.. ونعتقد أن الفضل يعود للرباعي: "الصهيونية الدينية" و"العظمة اليهودية" و"يهودوت هتوراه" و"الليكود". وأحدث إنجاز لهذا الرباعي المتقدم والمتسارع بقوة دفع تعاميم الصهيونية العنصرية الأصلي النقي في هذا المسار والمتوازي مع إنجاز إسقاط رأس القضاء وتحطيمه بالضربة القاضية القاتلة، كان مشروعًا لقانون لحظر الفكر المسيحي أو الحديث عن العقيدة المسيحية، وفرض عقوبة "السجن لمدة عام" على مخالف القانون. أما إذا كانت المحادثة مع قاصر (أقل من 18 عامًا) فستكون العقوبة "السجن لمدة عامين"!.
تفيد الأنباء بأن السفير الأميركي السابق لدى منظومة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني العنصرية سام براونباك قد رأى في مشروع القانون تهديدًا لـ"حرية التعبير وحقوق الإنسان الدينية". وكأنه يكتشف لأول مرة الطبيعة العنصرية والمتناقضة مع المبادئ الإنسانية والشرائع السماوية لهذه المنظومة التي أنشأتها بلاده (الولايات المتحدة) وساهمت بتكريسها، بريطانيا العظمى بقرار استعماري ظالم على حساب أرض وطن الشعب الفلسطيني..
فالتشريع المقترح الذي بدأ ينال استحسانًا في مجتمع الكنيست الإسرائيلي العنصري سيحظر المناقشة بين المؤمنين المسيحيين أو من أي دين آخر وبين أشخاص إسرائيليين لتغيير معتقداتهم الدينية الحالية" وبذلك يسقط ما تسمى (واحة الديمقراطية) في الشرق الأوسط المسماة (إسرائيل) في جحيم العقوق والتنكر لعشرات ملايين الأميركيين الذين حرصوا على استخدام الدين لتبرير دعمهم اللا محدود (لإسرائيل يهودية) باعتبارها الخادم الرسمي لرؤياهم المستنبطة من تعاليمهم الدينية التي ينسبونها ظلمًا للكنيسة الإنجيلية، حول مستقبل الخير الذي ستنتصر به إسرائيل كما يعتقدون على الشر في معركة هارمجيدون هنا على أرض فلسطين، فإذا بهذه (الإسرائيل اليهودية) كما وصفوها تخون مبدأ الخير، بتشريع قانون سيحظر الفكر والحديث عن العقيدة المسيحية جملة وتفصيلا! وسيعاقب على أساسه كل مبشر للمسيحية في مجتمع الصهيونية الدينية، ومن يدري فقد يشكل هذا القانون الذي نتمنى إقراره في كنيست الـ63 صوت العنصري المناهض للإنسانية وقيمها وشرائعها وعقائدها السماوية وفلسفاتها ونظرياتها السياسية، والمخالف لأبسط أعراف الديمقراطية.
قبل الخبر عن هذا المنشور الذي تقدم به كل من: موشيه غافني ويعقوب آشر من حزب "يهدوت هتوراة" كان يائير لابيد الرأس الأول في المعارضة الإسرائيلية قد قال: "إنه يوم سعيد للمجرمين" تعليقًا على تمرير القراءة الأولى لمشروع قانون في الكنيست سيمكن نتنياهو من إعادة أرييه درعي وزيرًا إلى حكومته بعد إقالته من الحكومة بفعل أمر من المحكمة العليا لنتنياهو، وبذلك تلتصق صفة المجرمين بالعبري برئيس حكومة منظومة الاحتلال نتنياهو وبأعضاء الأحزاب المؤتلفة معه، بمن فيهم ما يسمى وزير الأمن إيتمار بن غفير الذي أصدر قرارًا بإغلاق المكتب الإعلامي الذي يقدم خدمات إعلامية لهيئة الإذاعة وتلفزيون فلسطين، ومنع تقديمها للإعلام الرسمي الفلسطيني، وبذلك تكتمل دائرة فعل (المجرمين) -بالعربية هذه المرة- بعد كشف الستار عن عدائيتهم المطلقة للدين والعدل والرسالة النبيلة للإعلام والصحافة، ما يعني أن الشمشوم نتنياهو سيدمر معبد مملكته بيده -الله يقدره على هذه الفعلة- قبل بلوغها الثمانين، فقولوا آمين!.
إن قرار وزير الأمن لدى حكومة منظومة الاحتلال بن غفير منع تقديم الخدمات الإعلامية لتلفزيون فلسطين، نعتبره شهادة من المجرم بأن رسالتنا الإعلامية وطنية بامتياز، وأنها تؤذيهم، وتكشف عورة مشروعهم الاحتلالي الاستيطاني الفاشي القائم على الجريمة ضد الإنسانية، فهؤلاء المجرمون كالشياطين يفرون وينفرون من سماع ورؤية الحقيقة من رسل الحق والحقيقة، من رسل الدعوة للسلام والمحبة بين الناس دون تمييز بين أجناسهم وأعراقهم وألوانهم، والرسل المؤتمنون على نقل الحقائق والوقائع للناس أجمعين، فمنظومة الاحتلال الاستعماري الصهيوني العنصري باتت عارية ولم يعد بإمكان الذين اصطنعوها على أرضنا صنع قناع يواري فضيحتها بظهورها على حقيقتها كعدو للسلام الذي بشر به المسيح، والديمقراطية، والحقوق الإنسانية التي تعبت من أجل إقرارها كشرائع ناظمة لحفظ السلام في العالم أهم العقول الإنسانية.
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها