لعلنا أحوج ما نكون اليوم إلى التخلص من وهم أن تكون حركة "حماس" يومًا ما حركة وطنية، ساعية إلى جانب فصائل النضال الوطني، إلى التحرر والاستقلال. الوطنية في عرف جماعة الإخوان المسلمين "رجس من عمل الشيطان" على هذا النحو، أو ذاك، وبهذه العبارة، أو بغيرها، لتدل على المعنى، وتقود إلى الحقيقة، حقيقة نكران الجماعة الإخوانية للوطنية بأي مشروع كانت ..!!

"حماس" حتى اللحظة، لا ترى المشروع الوطني، بقدر ما ترى السلطة، غايتها الأثيرة، استولت عليها في غزة، على نحو دموي، وتريدها اليوم في الضفة المحتلة وهي تنظّر لمقاومة لا يد لها فيها، مع استمرارها في التهديد بشعارات الزلزلة التي لا غاية لها سوى ضمان التدفق المالي في الصراف الآلي ..!!

من أبراج سلطتها المحصنة بالتفاهمات الإسرائيلية، تواصل حماس قصفنا بخطاباتها الشعبوية وبإعلام لا يستهدف سوى إلحاق الأذى، بالروح والبنى المعنوية للقيم الوطنية، وحتى الأخلاقية، إذ الفتنة التي تحاول تعميمها هنا، بين أوساط شعبنا، خلاصة غايتها هذه، إلحاق الأذى، وكأنها متلازمة أخرى قد أصابتها بعد متلازمة الكذب والاستعراض والادعاء ..!!      

للمقاومة الحمساوية (...!!) أركان يحلو لهم التبجح، وهم يحاولون استثمار دم الشهداء، الفتحاويين هنا أغلبهم، لصالح دعواتهم التحريضية، يريدون من المقاومة  في الضفة المحتلة، أن تكون برعاية خطاباتهم، وهم يمنون عليها بالفرص التي تمنحها لهم اليوم لكي تتواصل ...!!

هذا ما تقوله حركة "حماس" اليوم، تتيح المجال، وتعطي الفرص، للمقاومة في الضفة، كمثل واهب مقتدر ..!! ولا شيء في هذا القول سوى الذريعة التي تتسربل حماس بثيابها، لكي تبرر غيابها المقاوم هنا، والذي على ما يبدو، وبلا أي تحامل، مدفوع الأجر تمامًا .

ما من مقاومة في التاريخ تعطي الفرص لأحد لكي يقاتل بدلا عنها، بل هي الفرصة ذاتها كمبرر لوجودها، الذي يظل بلا أي غاية ومعنى، خارج الفعل، وبرنامج العمل المقاوم، وهذا ما لا نراه عند حركة حماس حتى عندما تعرض قطاع غزة، لأربع حروب عدوانية إسرائيلية راكمت عذابات ومعاناة أهلنا في القطاع المكلوم، شهداء وجرحى وبيوت وعمارات تحولت إلى ركام وما زالت إعادة البناء تعاني من  سلطة حماس ..!!

نعم آن الأوان لكي نتخلص من وهم أن تكون حماس حركة وطنية، ومن يعترض على ذلك، فعليه أن يقدم لنا برهانًا واحدًا على خطأ ما ندعو إليه ..!!

المصدر: الحياة الجديدة