لم يعد ثمة شك أن مدن وبلدات وقرى ومخيمات الضفة الفلسطينية المحتلة، باتت ساحة لسلسلة عمليات حربية عنيفة لجيش الاحتلال الاسرائيلي، وبتوحش فاشي لم يسبق له مثيل، وبهدف لم يعد خافيًا على أحد، وهو تصفية المشروع الوطني الفلسطيني التحرري، على أرضية تدمير حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" والسلطة الوطنية معا، وإنهاء وجودهما.
وبألم نقول لعله من الصعب بعد الآن أن نصدق أن حركة حماس تحديدًا لا ترى هذه الغاية الاسرائيلية بالغة الوضوح الدموي...!! ومع محاولاتها إشعال نار الفتنة بين أبناء شعبنا في الضفة المحتلة، من الصعب أن نصدق أنها لا تحمل الغاية ذاتها، طالما أنها لا تحرك ساكنًا باتجاه إنهاء الانقسام، وتحقيق الوحدة الوطنية الشاملة، لمواجهة الاحتلال، واسقاط مخططاته التصفوية، لا للمشروع الوطني فحسب، بل وللقضية الفلسطينية برمتها ..!!
لن نرمي حماس هنا بأية تهمة فاصلة، غير أننا نحذرها بأنها إذا ما واصلت السير في دروب الفتنة والتحريض على إشعال نيرانها أكثر وأكثر، فإنها متسربلة لا محالة بثياب التهم القاتلة ..!!
وعلى ما يبدو ساء حماس يوم الأربعاء الماضي في نابلس، أن ترى رجال الأمن الوطني يلقون التحية على نعش الشهيد عبد الفتاح خروشة، وهم سائرون في مسيرة تشييعه المهيبة، حتى دفعت بعدد من عناصرها لتشويه هذا المشهد البليغ في تلاحمه الوطني، بإنزال نعش الشهيد من على سيارة الإسعاف، وبإطلاق هتافات الفتنة ضد السلطة الوطنية، ورجال أجهزتها الأمنية، وهم الذين ودعوا خلال العام الماضي عشرين شهيدًا من رفاقهم الذين ارتقوا خلال تصديهم لقوات الاحتلال الإسرائيلي في العديد من المواقع التي اقتحمتها هذه القوات في سياق سلسلة عملياتها الحربية العدوانية .
والواقع لقد أساءت حماس بهذه الفعلة للشهيد ذاته، وطعنت تآلفه مع الفتحاويين الخمسة الذين استشهدوا إلى جانبه، وهم يقاتلون سوية ضد قوات الاحتلال التي اقتحمت مخيم جنين ساعية وراء رأسه .
ما زالت الأوهام تتحكم بسياسة حماس، وتطلعاتها السلطوية، فترى في مواصلة إشعال نيران الفتنة سبيلاً لتحقيق ما تريد من تمكن وسيطرة، ولعلها لا تدرك مع تحليقها في فضاء تلك الأوهام الرحبة (..!!) أنها بهذه الوسيلة باتت تشكل جزءًا من منظومة عاملة، تسعى وعلى نحو محموم، لتعميم الفوضى، وتمكين الفتنة من الصف الوطني، وتشويه الصورة النضالية التي يجسدها هذا الصف في ساحات التصدي والمواجهة .
ما ثمة مستقبل لا للأوهام ولا للفتنة في ساحة النضال الوطني الفلسطيني، فهل تدرك حركة حماس هذه الحقيقة قبل فوات الأوان ..نرجو ذلك .
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها