الاجابة على السؤال في العنوان لا تحتاج لكثير من التفكير أو البحث أو منطق، فكل ما في الأمر انهم يسعون لإخضاع السلطة الرابعة، يريدون معاقبة النقابة على انجازات في المحافل الدولية ذات الاختصاص، والقانونية أيضًا، شهد لها القاصي والداني خلال الفترة الماضية، ولو كان لدى رؤوس حماس الفئويين أدنى احترام لشهداء الصحافة الوطنية الفلسطينية وعلى رأسهم الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة لما راكموا العراقيل والحواجز على طريق عقد مؤتمر النقابة المزمع عقده في غزة قبل نهاية هذا الشهر ، فالأهم بالنسبة لهم تكريس سلطة انقلابهم وهيمنتها على كل حي في قطاع غزة، حتى بيوت اللاجئين المتواضعة في غرب مخيم الشاطىء لم تسلم شهوتهم السلطوية، فأعادوا عشرات العائلات إلى سيرة آبائهم الأولى ليذوقوا معاناة اللجوء – بكل أسف في كنف ابناء شعبهم وأبناء جلدتهم !
ربما لم نكن بحاجة لبيان نقابة الصحافيين الفلسطينيين لرسم صورة سلطة الأمر الواقع التي فرضتها حماس على مليوني فلسطيني في قطاع غزة بالحديد والنار، لكن البيان الذي بات على طاولتي اتحاد الصحفيين العرب والاتحاد الدولي للصحافيين يوضح بما لا يدع مجالا للشك نوايا رؤوس جماعة حماس الاخوانية تجاه معنى تجديد دورة الحياة الديمقراطية في شرايين ( جيش الحق الفلسطيني ) وتكريس الانتخابات كمنهج لتداول المسئولية والمهام في المنظمات والاتحادات الشعبية والنقابات الفلسطينية، فهذا مالا يطيق رؤيته من لا ولاء لهم للوطن ولا انتماء إلا لجماعة الاخوان التي اقسموا على الولاء لها .
لا يعرقلون، ولا يضعون شروطا تعجيزية لأجل فرض سلطتهم فقط، فهذا الأمر معلوم ودفع الصحفيون الفلسطينييون ثمن هذه السياسة، وإنما يستجيبون لرغبة المتضرر من منهج النقابة المهني أولاً، والوطني الموازي أولاً أيضًا، وقدرتها على تأكيد مكانتها في الاتحاد الدولي للصحفيين، وتحشيد الاتحادات العربية والدولية الى جانب الحق الفلسطيني، والسؤال هنا هل من متضرر من منهج قيادة النقابة سوى منظومة الاحتلال الاستعمارية العنصرية ( إسرائيل ) ؟! .
تدرك النقابة مسئوليتها تجاه مئات الصحفيين العاملين في المؤسسات الإعلامية والصحافية في القطاع، وأن المسئولية تتطلب أعلى درجات الحرص على حقوقهم، ومنع أي صاحب مصلحة في الأضرار بمصالحهم وحقوقهم ، لذلك وكما أشارت في بيانها، تعاملت النقابة بحسن نية لتفويت الفرصة على حماس، رغم الأذى العظيم الذي لحق بعمل النقابة منذ تولي حماس الحكومة سنة 2006 وانقلابها سنة 2007، أما إذا أراد القارئ شاهد اثبات وضحية من ضحايا قمع حماس، فأنا واحد تلقيت تهديدات عناصرها بالقتل على خلفية عمل إعلامي، وبمسح ذاكرتي، عدا الاعتداءات البدنية المدمية، حتى أني لأجزم أن الغالبية العظمى من الصحافيين والمؤسسات الاعلامية لم تنج من انتهاكات وقمع حماس للصحافة والمؤسسات الإعلامية، فالجماعات التي تغلب مصالحها وتنفي مصلحة الوطن لا تقر بحرية الرأي والتعبير، ولا بالديمقراطية، ولا بحقوق المواطن في الحصول على المعلومة، وإنما تعمل بكل ماتملك من قوة ونفوذ ومال وضغوط وإجراءات دكتاتورية للسيطرة على أهم ركيزتين في الدولة: السلطة الأولى القضائية والسلطة الرابعة (الصحافة) رغم أن السلطة الرابعة ليست مذكورة حرفيًا في القوانين كسلطة إلى جانب التنفيذية والتشريعية والقضائية، إلا أن نصوص القوانين على رأسها الباب الثاني – الحقوق والحريات العامة – في القانون الأساسي حيث تم تثبيت مبدأ احترام حقوق المواطن والحريات العامة، وحرية الرأي والتعبير، كما في المادة 19 تحت عنوان حرية الرأي: "لا مساس بحرية الرأي، ولكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غير ذلك من وسائل التعبير أو الفن مع مراعاة أحكام القانون". أو كما في المادة 25: "التنظيم النقابي حق ينظم القانون أحكامه " .. أما حماس فليست سلطة قانونية !
حتى أن المادة 27 قد أفردت لضمان حرية التعبير والصحافة التي تسهر نقابة الصحفيين على ضمانها وتأمين حقوق العاملين بالصحافة والإعلام بصنوفه كافة فيما يعتبر أهم قطاع بالتوازي مع القضاء والتعليم في حياة المجتمعات التقدمية الديمقراطية الحرة والمتحررة، أمام المساس بتنظيم نقابة الصحافيين، وعرقلة أو منع مسارها الديمقراطي، فهو انتهاك إن لم يكن ضربة قاتلة للمادة 27 من القانون الأساس عنوانها "حقوق وسائل الإعلام وحرياتها ".
نقابة الصحافيين الفلسطينيين ستبقى منارتنا الوطنية المشعة والمطلة على محيط العالم، وكل صحفي فلسطيني يعمل بروح الانتماء الوطني، ورسالة مهنية خالصة من التبعية الضيقة يعتبر شهيدًا على قيد الحياة .
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها