كل انتخابات مهما كان عنوانها تعتبر عرسًا ديمقراطيًا ضيقًا أو واسعًا، لأن الانتخابات تعتبر إحدى ركائز ومحددات الديمقراطية. والانتخابات بمقدار ما تكون نزيهة وشفافة، وتعكس حقيقة المزاج العام في هذه النقابة، أو ذلك الاتحاد، أو المجلس المحلي أو البلدية أو الانتخابات الوطنية. وكلما اتسعت دائرة المشاركة الشعبية، كان العرس أعمق وأشمل.

الانتخابات البلدية في محافظات الشمال الفلسطينية يوم السبت القادم الموافق 26 آذار/مارس الحالي تعتبر واحدة من الأعراس الفلسطينية، ومحطة مهمة في تأكيد أهمية الانتخابات وأولويتها، وتعزيز المناخ الديمقراطي في اختيار الممثلين الأجدر بتولي مهمة تقديم الخدمات الضرورية للجماهير الفلسطينية في هذه المدينة أو تلك القرية، كما وجاءت الانتخابات رداً على كل من شكك برغبة القيادة الفلسطينية في إجراء الانتخابات البرلمانية، التي تم تأجيلها العام الماضي، نتيجة منع دولة الاستعمار الإسرائيلية إجراءها في القدس العاصمة الفلسطينية، ورداً على حركة حماس صاحبة الانقلاب على الشرعية، ومعطلة الانتخابات في كل مناحي الحياة بمحافظات الجنوب، ورفضت إجراءها في الدورة الأولى التي تمت في السادس من أيلول/ سبتمبر 2021، التي شملت 376 مجلسًا محليًا، وترفض إجراءها الآن في 26 آذار/ مارس 2022 المقرر إجراؤها في 66 مجلسًا بلديًا، وهو ما يكشف ادعاءاتها الكاذبة في تمسكها بالانتخابات البرلمانية أو غيرها.

ورغم الأسف على عدم إجراء الانتخابات في قطاع غزة لرفض حركة حماس ذلك، إلا أن إتمامها في المحافظات الشمالية يعتبر مدخلاً جيدًا وصحيًا، وتكريسًا للخيار الديمقراطي، وتعزيزًا لروح المشاركة الشعبية في اختيار ممثليها وقوائمها القادرة على عكس مصالحها، وتقديم رؤى برنامجية تستجيب لمصالح وحاجات المواطنين، والنهوض العمراني والخدماتي في المجالس البلدية الـ66 للارتقاء بمكانة المدن الفلسطينية لتضاهي المدن العصرية في الدول المتقدمة بالمعايير النسبية، وضمن الإمكانيات المتاحة، وفي ظل انتهاكات وجرائم الاستعمار الإسرائيلي، وإصرار أجهزته ومؤسساته العسكرية والأمنية على تعطيل دورة الحياة داخل المدن والقرى الفلسطينية.

ولتحقيق الهدف المنشود، وإضفاء المناخ والروح الديمقراطية والنزاهة والشفافية على الانتخابات: مطلوب من كل أصحاب الاقتراع الإدلاء بأصواتهم دون تردد، ورفض المنطق العشائري والقبلي العائلي من حيث المبدأ، والتمسك بمبدأ اختيار الإنسان الأفضل والأقدر على خدمة مصالح المواطنين بعيدا عن الاعتبارات الجهوية والمناطقية، ثم رفض الرشوة والمحاباة والتعصب والتطرف من أي نوع. إلى جانب تعزيز روح التسامح والتكامل والمواطنة، واختيار الإنسان والقائمة صاحبة البرنامج الأكثر تعبيرًا عن مصالح الجماهير الفلسطينية في هذه المدينة أو تلك القرية. ولا بد التذكر دائمًا أن نجاح الانتخابات المحلية والبلدية، هو نجاح للشعب والوطن والدولة الفلسطينية، وعدم الفصل بين المسألتين. وأخيرًا التصدي الجماعي لكل من يحاول تعطيل أو التأثير السلبي على العملية الديمقراطية تحت أية ذريعة، والإصرار على نجاح العرس الديمقراطي.

مما لا شك فيه، برزت بعض المظاهر السلبية في بعض المدن نتاج المنافسة السلبية، غير الديمقراطية ونتاج التعصب الأعمى لهذه القائمة أو تلك، تمثل في تمزيق يافطات بعض القوائم، أو التشهير والتحريض على بعض رؤساء وممثلي القوائم، وعبث وتخريب عملاء الاستعمار الإسرائيلي من خلال إشعال الفتنة بين بعض ممثلي القوائم، وتلميع بعض القوائم بأساليب مختلفة.. الخ، من الظواهر السلبية والمسيئة لروح الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير والتسامح والتآخي.

في كل الأحوال بعد غد السبت لنتحد جميعا بروح الانتماء للشعب والوطن والقضية والنظام السياسي التعددي والمصالح المشتركة. ونتذكر جميعنا أننا بإنجاز الانتخابات الحالية ننتصر لخيارنا الديمقراطي، لوطننا ولشعبنا ولوحدتنا الوطنية ولأهدافنا، ومشروعنا الوطني والأهم انتصارنا على العدو الإسرائيلي وعملائه وعلى كل قوى الثورة المضادة أعداء الوطنية الفلسطينية بغض النظر عن الثوب السياسي والعقائدي الذي يتلفعون به.

*المصدر: الحياة الجديدة*