في يوم المرأة العالمي الموافق اليوم الثامن من آذار / مارس يقف العالم المحتفي بالمرأة ويومها حاملاً الورود للأمهات والأخوات والزوجات والبنات والحبيبات والصديقات ورفيقات الكفاح والزميلات مستحضرًا أهميتهن ودورهن الريادي في الحياة، ومستذكرًا الواجب الأخلاقي والقيمي والقانوني والاجتماعي ليعلن قطاع لا بأس به منه أهمية وضرورة إحداث قفزة على الصعد المختلفة لصالح تعزيز مكانة المرأة في المجتمع، والدفع بعربة المساواة والتكامل بينها وبين شقيقها ورفيقها في الحياة، والعمل للإسهام بتطور المجتمع المحلي والقومي والأممي، لا سيما وأن المرأة تشكل نصف المجتمع الأجمل والأحلى وأيضًا المعطاءة وحاضنة تجديد إنتاج البشرية.

 نعم، المرأة في يومها وهي تشكر الجميع على اللفتة الجميلة من الذكور بغض النظر عن التباينات ومستويات تضامنهم وتكافلهم مع حقوقها الكاملة والجزئية، إلا أنها تطالبهم بشكل دائم ومثابر عندما يتذكرون كل يوم عظمة أمهاتهم وعطاء زوجاتهم ونبل بناتهم، وأهمية حبيباتهم، وجدارة رفيقاتهم وصديقاتهم وزميلاتهم، ألا ينسوا واجبهم الأخلاقي والقيمي تجاه المرأة بشكل عام، وأن يدافعوا كل من موقعه عن حقوقهن المسلوبة، وأن يحرروهن من الموروث السلبي في مجتمعاتهن، وأن يأخذوا بأيديهن لتحقيق مكاسب جديدة لترسيخ دورهن الريادي والقيادي في المجتمع.

وفي زمن الحرب الدائرة على الجبهة الروسية الأوكرانية وفي فلسطين والعراق وسوريا وليبيا والسودان والصومال وكشمير ... إلخ تملي الضرورة البحث عن كيفية إيجاد الوسائل والسبل لحماية المرأة والطفولة من ويلات تلك الحرب، وأن يشكلوا الحاجز المانع والحامي للنساء المكلومات والمنكوبات بويلات الحرب أو المعتقلات في سجون القتلة من المستعمرين الصهاينة وجماعات التكفير والأنظمة البوليسية الاستبدادية، حيث لا تقتصر عملية التضامن والتكافل مع المرأة بتقديم الورود والهدايا الرمزية، وإنما بالتجسيد العملي للقناعات المترسخة في الوعي لدى الذكور من خلال الدفاع عن المرأة المضطهدة والمستعبدة والمنكوبة بذكورية المجتمع والقيم والموروثات والعادات والأعراف البائدة والمتخلفة، ورفع سيف تلك الإشكاليات والعوائق المزمنة والمرهقة لنساء الأرض، ومنحهن حقوقهن، وتأمين الرعاية وفق المعايير الأممية المتناسبة مع قيم المجتمعات الإيجابية.

وللمرأة الفلسطينية في يومها العالمي كل التقدير والتعظيم لدورها البطولي في السجون وفي الوطن والشتات والمهاجر، التي كانت وما زالت مرضعة الأجيال الجديدة بالرواية الوطنية، وحاملة بيارقها، وصانعة أمجادها مع شقيقها ورفيقها الرجل في مختلف ميادين الكفاح. لا يمكن أن يمر يوم المرأة العالمي دون إنصاف رفيقة السلاح والكفاح التحرري والبناء الاجتماعي والثقافي التربوي، التي تتقدم بخطى ثابتة نحو أهدافها في مواقع المسؤولية من خلال إقرار رفاقها في مراكز القرار السياسي والقانوني بأهمية دورها ومكانتها، ولعل النجاح الذي تحقق للمرأة الفلسطينية في دورة المجلس المركزي لمنظمة التحرير الحادية والثلاثين بإضافة 34 لعضوية المجلس يعكس هذه الروح الإيجابية، والوفاء لدور حارسات روح الكفاح الوطني بمختلف عناوينه.

بيد أن هذه الخطوة لا تعني أن المرأة الفلسطينية حققت كامل أهدافها، إنما مطلوب من الماجدات الفلسطينيات في مختلف مواقع العطاء والبذل والإنتاج مواصلة الدفاع عن كامل حقوقهن المشروعة ووفق النظام الأساسي، ودون تردد أو تراجع أو تخلٍ تحت ثقل ضغوط القوى المتخلفة والمعادية لمصالحهن وحقوقهن عن برنامجهن والاستحقاقات السياسية والقانونية والاجتماعية والوظيفية، وداخل الفصائل والأحزاب والحركات لتكريس مكانتهن كما يليق بالمرأة البطلة.

وعلى صعيد الماجدات في باستيلات المستعمر الإسرائيلي تفرض الضرورة وضع برنامج أكثر فاعلية وتكثيفًا للدفاع عن حرية المرأة من قبضة دولة الأبرتهايد الإسرائيلية. وهذا يفرض تصعيد النضال على المستويات المختلفة المحلية وفي الوطن والشتات وداخل الداخل والمهاجر، وفي الساحات العربية الشقيقة وفي المنابر العالمية لتبقى قضيتهن على رأس جدول أعمال المجتمع ككل، وهي بالضرورة تتلازم مع معركة تحرير أسرى الحرية جميعًا دون استثناء، وإن كانت الضرورة تملي وضعهن مع الأسرى الأطفال والمرضى والشيوخ على رأس أولويات الأنشطة لأبناء الشعب في مختلف قطاعاته.

 

كل عام والمرأة بخير، وكل عام والمرأة أيقونة المجتمع الفلسطيني والعربي والأممي. ولتبق ذكرى الثامن من آذار/ مارس حاضرة وراسخة في الوعي والوجدان الوطني، والرحمة لكل شهيدات الشعب الفلسطيني والأمة العربية وشهيدات الحرية والعدالة في العالم أجمع.

المصدر: الحياة الجديدة