حسين السنوار
مع بزوغ فجر كل يوم غزي جديد يحمل الشاب سامي أبو عابد، شباكه وأقفاصه وما يلزمه من ماء وغذاء في رحلته اليومية لصيد العصافير، ويتجه نحو الحدود الشرقية لقطاع غزة ليلتقط رزقه تحت أزيز الرصاص الإسرائيلي لتصبح لقمة عيشه مغمسة بالخوف والرعب وبالكاد يحصل عليها.
ويقول أبو عابد: إن الجنود الإسرائيليين ودبابات الاحتلال تقف لهم بالمرصاد فمع كل نصب للشباك تكون هناك زخات متتالية من الرصاص وأحيانا قنابل غاز مسيل للدموع تجاههم لإجبارهم عنوة على الانسحاب من المكان، ولتهرب العصافير من صوت الرصاص ويعودوا بخفي حنين.
ويشير إلى أنه لا يعلم بأنه سيعود إلى أطفاله صائدا بعض العصافير أم لا أو أنه لا زال على قيد الحياة، خاصة أن الجنود الإسرائيليين يستهدفون الصيادين بشكل مباشر، ما أدى لإصابة العديد من العاملين بمهنة صيد العصافير واستشهاد آخرين برصاص الاحتلال، إلا أنه مصر على انتزاع رزقه من بين فكي كماشة الاحتلال.
أما فادي عليوة، فلم يكن بأفضل حال من زميله في المهنة أبو عابد، فيؤكد أن مهنتهم من أخطر المهن في قطاع غزة ليس لأنها صيد للعصافير بل لأنهم يلتقطون أرزاقهم من تحت نيران الرشاشات وقذائف المدفعية الإسرائيلية التي تلاحقهم وتنغص عليهم عملهم وتحرمهم من جمع أرزاقهم.
ويردف: إنه في الكثير من الأحيان لا يتجاوز مجموع ما يصطاده أسبوعيا عشرة عصافير، لكنها تعد مصدر رزقه الوحيد إذا تمكن من بيعها، لافتا إلى أن العمل في هذه المهنة هو عمل موسمي فقط في فصل الشتاء حيث تكثر فيها هجرة العصافير من دول أوروبا إلى المناطق الأكثر دفئا ومنها قطاع غزة.
وبين عليوة أنه ورث هذا العمل عن والده إلا أنه لا يفكر في توريثه لابنه، نظرا للمخاطر المحدقة التي يمرون بها على الحدود الشرقية لقطاع غزة وخاصة في منطقة الفراحين شرق عبسان شرق خان يونس جنوب قطاع غزة، حيث يكثر صيد العصافير في تلك المنطقة وتبقى مغادرتهم للحدود سواء صادوا أم لا مرهونة بطلقة نارية تطلقها قوات الاحتلال تجاههم تطلب منهم مغادرة المكان.
أما عادل الأعرج، فيقول إنه رغم المخاطر من التي يتعرضون لها خلال رحلة صيدهم اليومية إلا أنه يكتفي لو تمكن من صيد خمسة أو عشرة عصافير من الأنواع النادرة ذات الأسعار المرتفعة فهي كفيلة بأن يعيش حياة كريمة بعيدا عن الحاجة والذل لغيره، وأن مهنة الصيد تبقى ممتعة له رغم المخاطر.
وبين أن بعض العصافير ومنها الحسون تصل لأسعار مرتفعة بسبب ندرتها وقلة تواجدها في البيئية الساحلية، ومن الممكن أن يصل سعر الواحد منها لأكثر من مئة دولار، لافتا إلى أن هناك أنواعا نادرة جدا من الطيور المهاجرة التي تستخدم للزينة يصل سعر الواحد منها الي قرابة ألف دولار.
يشار الى أنه يوجد في غزة عدة أنواع من الطيور حسب المنطقة التي تعيش فيها مثل شاطئ البحر ووادي غزة، مثل البط والخرشنة والنورس والغر، والمخوضة مثل طائر الطّول ذي الأجنحة السوداء والزقزاق ودجاج الماء.
أما في بيارات الحمضيات فتوجد فيها الطيور الآكلة للحشرات والثمار مثل أبو قلنسوة والشحرور والسمن، في حين يتواجد في الحقول الزراعية القبرة (القنبرة) والحمام واليمام والبلبل، وعصفور الشمس الفلسطيني، وبعض طيور الجوارح أما داخل المراكز الحضارية فيتواجد فيها طيور السُمامة البيضاء والغراب ذو الرقبة البنية غراب الزيتون والبومة الصغيرة.
يذكر أن هناك العشرات من صيادي العصافير والمواطنين القاطنين على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة قضوا بين جريح وشهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي الذي يطلق اتجاههم بشكل يومي.
ووفقا لآخر إحصائية أصدرتها وزارة العمل، فإن نسبة البطالة في القطاع وصلت إلى 50.2%، بينما يعيش تحت خط الفقر 70% من أهالي قطاع غزة المحاصر منذ عدة سنوات.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها