كل المؤشرات تؤكد أننا نعيش موجة أخرى من جائحة كورونا، العالم كله يشرب من الكأس المر ذاته، فالانتشار سريع وكثيف في معظم الدول، ومن ضمنها الدول المجاورة لنا. المشكلة التي تواجهنا أن هناك اعتقادًا خاطئًا أصبح سائدًا لدى معظم الناس أنهم إذا كانوا مطعمين أو أنهم أصيبوا بالفيروس فإنهم لن يصابوا به مجددًا، والأغلبية على ما يبدو أصبحت تتعامل باستخفاف وكأن الكورونا أصبحت خلف ظهورنا. وعلى سبيل المثال عندما تسأل أي شخص في مصعد أو في محل بقالة أو أي مكان مغلق، لماذا لا ترتدي كمامة يجيب أنا أخذت الطعم مرتين وأصبت بالكورونا فما الذي يمكن أن يحصل بعد ذلك، ويبتسم!

وفي أحيان أخرى تسأل البعض لماذا لا يرتدون كمامة فيجيبون: "والله الناس حرة الي بدو يلبس، يلبس، واللي ما بدو هو حر" وكأن المسألة حرية شخصية، والأغرب أن يشعرك البعض وأنت ترتدي الكمامة، وتحافظ على تعقيم يديك كأنك كائن فضائي أو شخص مختل!

الفيروس ينتشر بسرعة وأعداد من يدخلون المستشفيات بازدياد ومن يستخدمون أجهزة التنفس (الأكسجين) في ازدياد أيضًا. لقد فقدنا في فلسطين منذ بدء الجائحة أكثر من خمسة آلاف إنسان عزيز علينا، وأصيب أكثر منهم بتداعيات صحية.. فلماذا الاستهتار والتصرف بلا مسؤولية؟

استمعت لما قاله رئيس الوزراء د. محمد إشتية في افتتاح اجتماع الحكومة الذي عقد في أريحا قبل أيام، حذر إشتية من خطورة الوضع، وذكر المواطنين بإجراءات السلامة للحد من انتشار الفيروس، ودعا الجميع إلى ارتداء الكمامات واستخدام التعقيم ومراعاة التباعد الاجتماعي. ووسائل الإعلام عادت تنشر وتبث الإعلانات ذاتها، وخاصة تلفزيون فلسطين. هذا شيء مهم ولكنه يمثل نصف الخطوات المفترض العمل بها فعلى الحكومة وأجهزتها المختلفة أن تتخذ إجراءات عملية ومراقبة تطبيقها، العودة لفرض لبس الكمامات في المناطق المغلقة (محلات البقالة والمحال التجارية، والجامعات والمدارس) بالإضافة إلى وقف التجمعات الكبيرة الأعراس وبيوت العزاء على الأقل لمدة أسبوعين، والتركيز على طلب شهادة التطعيم في المؤسسات العامة، وحتى في المطاعم والفنادق.

ولا بد من إعادة التذكير أن من أصيب أو أخذ المطاعيم لا يعني أنه لن يصاب مرة أخرى، وأنه في كل الأحوال إذا أصيب مرة أخرى فهو حتما سينقل وينشر الفيروس. لا بد أن نضيء شمعة قبل أن نلعن الظلام، إن أهمية ذلك وعمل ما هو مطلوب هو من أجل ألا نضطر إلى وقف عجلة الاقتصاد، أو أن يتفاقم الوضع إلى درجة يصبح فيها الجهاز الصحي عاجزًا عن مواجهة المخاطر وأن نفقد أعزاء علينا مجددًا.

المواطن يتحمل المسؤولية وعليه أن يقلع عن استخفافه واستهتاره بالموضوع، ولكن المسؤولية الأهم على الدولة والحكومة. نحن شعب يعاني أكثر بكثير من غيره من الشعوب وهو مسؤول عن قضية وطنية عادلة، من هنا صحة المواطن مهمة والحفاظ عليها أمر في غاية الأهمية، دعونا نعود إلى ما كنا عليه في بدايات الجائحة من تضامن وتكافل والتزام، لقد كنا قصة نجاح ونموذجًا لافتاً في حينه، فلماذا لا نكرر التجربة الناجحة ولكن مع شرط استمرار الحياة والاقتصاد؟

لنواجه معًا الجائحة بجدية أكثر وبخسائر أقل.

المصدر: الحياة الجديدة