استمرارًا لسياسة التهويد والمصادرة لاراضي الفلسطينيين العرب في النقب، واستحضارًا لمشروع "برافر" الاستعماري، وتعميقًا لخيار القرى الفلسطينية غير المعترف بها، وتنفيذًا لمشروع الترانسفير، وتغيير طابع منطقة النقب، التي تمت مصادرة 95% من مجمل أراضيها، التي تبلغ 14 ألف كيلومتر مربع من فلسطين التاريخية، وتقطنها تاريخيًا القبائل الفلسطينية العربية، قامت سلطات الاستعمار الإسرائيلية بطرح صيغة التفافية جديدة لنهب ما تبقى من أراضي الفلسطينيين، الذين يبلغ تعدادهم 300 ألف، ويشكلون نسبة 32% من مجموع سكان المنطقة، وهي صيغة "التحريش" و"التشجير" و"الغرس" حول وفي محيط عدد من القرى الفلسطينية (سعوة الأطرش، شقيب السلام، وبيرهداج وصووين وغيرها) بهدف الإطباق عليها، وخنق سكانها بالمشروع التهويدي الصهيوني الجديد.

ولعب دورًا رئيسيًا رئيس صندوق "كاكال" الكيرن كييمت، او الصندوق القومي الصهيوني يسرائيل غولدشتاين الليكودي، الذي يرغب بولوج الساحة السياسية من بوابة توسيع عملية الاستيطان الاستعماري لأراضي النقب، حسب موقع صحيفة "يديعوت احرونوت" يوم الخميس الماضي (13 يناير الحالي).

وكان كتب غولد شتاين على صفحته في الفيسبوك يوم الثلاثاء الماضي (11 يناير الحالي) "جئت مع زملائي من الليكود هذا الصباح من اجل تأييد ودعم عاملينا في موقع الغرس في النقب، وأقف إلى جانبكم وخلفكم في أي زمان ومكان، ومعًا سنستمر في العمل من أجل "أزهار الصحراء".  وكأن لسان حال الصهيوني الاستعماري يستحضر شعار الحركة الصهيونية القديم "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض"، أي أراد أن ينفي وجود سكان الجزء المتبقي من النقب، الذين يعادلون 32% من سكان المنطقة، ويدعي زورًا وبهتاناً، أنه وحكومته الاستعمارية يريدون "أزهار الصحراء" باعتبارها منطقة "سائبة" لا أهل لها، ولا أصحاب متجذرون فيها.

وعلى أثر الهجمة الوحشية الصهيونية الجديدة تداعت القوى والشخصيات والنخب الوطنية وعلى رأسها لجنة التوجيه العليا لمواجهة التحدي والمخطط الجديد، وإقامت في البداية خيمة اعتصام في سعوة الأطرش، التي هدمتها الشرطة وحرس الحدود الإسرائيلي صباح الثلاثاء الماضي، ليس هذا فحسب، إنما قامت بعمليات اعتقال واسعة طالت العشرات من مختلف الإعمار بما في ذلك الأطفال القاصرين ومن الجنسين على حد سواء، وعدد المعتقلين حتى اللحظة تجاوز الـ 130 فلسطينيًا خلال الأيام الثلاثة الماضية)، واعتدت على الجماهير الفلسطينية التي خرجت لتعبر عن رفضها لقرارات الصندوق الصهيوني، وتدافع عن ما تبقى من حقها في أرضها، وكانت أعلنت الاضراب في العديد من المدارس والمجالس الإقليمية لذات الغرض.   

هذا وأعلن المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في منطقة نقع بئر السبع (خربة الوطن، والرويس، وبير الحمام، وبير المشاش والزرنوق) عن وقوف سكان القرى إلى جانب اشقائهم المهددة أراضيهم بالمصادرة والتهويد من خلال اعلان الإضراب العام في المدارس.

وفي ضوء تصاعد المواجهة مع المستعمرين الصهاينة، صاغت لجنة التوجيه العليا مطالبها المتمثلة في: أولاً وقف كل عمليات التجريف و"التشجير" و"الغرس" في المنطقة والخروج منها؛ ثانيًا وقف هدم البيوت العربية في النقب؛ ثالثاً الاعتراف بالقرى غير المعترف بها عمومًا، وقرى النقع خصوصًا؛ رابعًا الإفراج الفوري عن كافة المعتقلين وفي المقدمة منهم الأطفال القاصرون، وهذا ما يقوم به المحامون الذين انتدبوا انفسهم متطوعين دفاعا عنهم؛ خامسا الكف عن سياسة الخلط المتعمد بين ما تدعيه حكومات إسرائيل الاستعمارية المتعاقبة "بالسيادة" وحقوق ومصالح المواطنين الفلسطينيين أصحاب الأرض، والذين يملكون أوراق الطابو (قواشين الأرض).

المواجهة المحتدمة بين أبناء الشعب الفلسطيني في منطقة النقب مع سلطات الاستعمار الإسرائيلية لا تنحصر بهم وحدهم، إنما هي معركة كل أبناء الشعب الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب وفي اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967 والشتات على حد سواء.

ويخطئ من يجزِّئ معركة أبناء النقب، ويفصلها عن المخطط الاستعماري العام المستهدف للكل الفلسطيني، والهادف لطردهم وتهجيرهم عبر وسائل وأساليب مختلفة. ويخطئ أكثر من يقف جانبًا أو محايدًا، لأن هذه المعركة، معركة الدفاع عن ما تبقى من الأراضي المملوكة للفلسطينيين، أصحابها الشرعيين.

 

المصدر: الحياة الجديدة