يا سيدي يا مفجر ثورتي .. لقد حملت قضيتي .. حملتها وطنا وهما .. لم نعرفك الا ثائرا مقاتلا شرسا مناضلا قائدا وزعيما و رمزا  و رئيسا أباً وصديقا وأخا .. تاريخ عمر من النضال والمعارك  .. كوفيتك رمزا للأحرار كل الأحرار .. فلسطين أنت وأنت فلسطين .. ياسر عرفات 'أبو عمار' اسمك يتردد اليوم كما الأمس على كل لسان رمزاً للمناضل والقائد الذي التصق بشعبه وثواره والذي لا يتراجع ولا يلين أمام الصعاب ورمزاً للقائد الثوري الذي حمل راية النضال ضد الصهيونية والاستعمار إلى كل أركان العالم. .. رمزا للوحدة الوطنية .. رمزا لقادة قالوا ( لا ) .. لا للتنازل عن ثوابت الشعب والقضية .. ( لا تنس فلسطين ) رسالتك لكل من عاش معك النضال .. رسالة لكل من سياتي من بعدك يكمل المشوار .. رسالة لكل فلسطيني .. رسالة كُتبت بالدم المعطر بطهر القضية وعدالتها وصدق الانتماء .. أيها الفدائي الأول مهندس الثورة .. يا ختيار .. آمنت دائما ان ارادة القوة مهما عظمت تُهزم أمام قوة إرادة الشعب المقاتل .. فكنت قريبا من الشعب .. أحب الشعب وبكاك في سفرك ورحلتك وعودتك على الأعناق شهيدا كما تمنيت وأنت في قلب الحصار .. من نفق عيلبون حتى يغيب القمر أعلنت ثورة فلسطينية .. ثورة اسمها فتح .. ثورة اللاجئين والمشردين والتحرير والصامدين فوق ثرى فلسطين في القدس وغزة والخليل ونابلس ويا كل فلسطين .. وفي الكرامة كانت الكرامة .. البسالة والمعنويات في سماء الوطن ترفرف .. لن تسقط الراية .. وصمدت المقاومة .. ومن بلد الى بلد ومن شتات الى شتات واصلت بناء الصفوف في مخيمات الجنوب في لبنان وبيروت وكل مخيمات عنوانها العودة الى فلسطين .. الحلم والأرض والهوية والانسان .. أيها الثائر الذكي الفطن .. صمدت معك البندقية وهتفت فيهم لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي .. هناك قلت لهم  ياسر عرفات لم يكن يقاتل حباً في القتال بل قاتل دفاعاً عن وطنه ومن أجل تحريره  وياسر عرفات هو كل فلسطيني يؤمن بزوال الاحتلال .... وعانيت ورفاقك جنود ثورتنا حصارا في الشتات ووقفتم ثابتين تزرعون في طريق العودة بذور الأمل وتسطرون اروع آيات التصدي والصمود برغم المجازر وغدر الأخ والصديق .. وبقيت وبقيت فلسطين .. وتستمر حكاية شعب في ذاكرة ليست للنسيان .. وخضت مع رفاقنا وإخواننا أبو جهاد وأبو إياد وابو الهول وجميعهم في الذاكرة لا يفارقون .. وأعلنت الاستقلال .. باسم الله وباسم الشعب الفلسطيني قيام دولة فلسطين فوق أرضنا .. انه القائد المتواضع الزاهد الراكع لله عزوجل .. كنت لنا منبعا للخير ملاذا للدفء والأبوة .. لم تكن رئيس كأي رئيس .. ولم تكن قائد كأي قائد .. لم تكن تؤمن بالطقوس الملونة ... تسامر جنودك إخوانك في العيد .. تلتقط معهم الصور التذكارية .... كانت الميزانية في نظرك حب الناس وإيمان الناس بفلسطين وطهر المواقف .. أحبك الناس ومن اختلفوا معك احترموك لأنهم يعرفون أنك لا تساوم في محبتهم والدفاع عنهم .. وبقي حبك وسيبقى .. سيبقى لأنك ذكيا يتعلق بك الطفل قبل الختيار .. حكيما تمارس مسؤوليتك بلا قمع أو  اذلال لمن فوق سفينة اسمها فلسطين .. وكنت صابرا تتحمل الألم .. الم الثورة والحصار في بيروت والمقاطعة ومن كل الزعماء .. عشت كأي فلسطيني النكبة والمأساة .. لهذا يحبك الناس .. لأنك منهم وهم منك .. ولهذا أنت رمز قضيتهم .. ولهذا أنا أحبك وأبكي وأنا أكتب هذه الكلمات .. والله لا اريد أن أكتبك لأرثيك .. فمن انا لأكتب عنك .. لأكتب عن مسيرتك .. ماذا أعرف من اسرار العمل الفدائي .. يا من عشت حياتك من منفى الى منفى .. وفي كل منفى تزرع فلسطين ثورة وهوية وعودة وبندقية .. وانت سر من اسرار الصمود والفداء والثورة .. وكلمة السر أننا نحبك .. فهل يرثي المحب من أحب .. وهل يستطيع .. انها مشاعر ابن لأبيه المسافر .. وهنا تحضرني كلمات الراحل شاعر ثورتنا محمود درويش وهو يكتبك تاريخا وثورة حين قال : (قد يحتاج التاريخ الى وقت طويل لترتيب أوراق هذا الرجل - الظاهرة. لكنه سيمنحه رتبة الشرف في علم القدرة على البقاء منذ الآن ) ... سنلتقي ان شاء الله كما كنت تنادي دوما ' على القدس رايحيين شهداء بالملايين ' .. نعم هذه هي الطريق والبوصلة لن تحيد عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ... القدس عاصمة دولة فلسطين .. لهذا حين تغيب وتسافر الى العلياء لن تغيب القضية .. وحين تترجل سيهتف بك الملايين .. بعدك لم ترتاح فلسطين .. ولم تسقط الكوفية .. لأن سقوطها هو سقوط العرب .. أليس هذا ما كنت دوما تردد وتقول ( هذه كوفية العرب .. ان سقطت سقط العرب ) .. سيدي الرئيس :بكيت حين سقطت طائرتك في صحراء ليبيا حين رأيت رفاقك يقتربون منك وناديت عليهم وقلت ' ابوجهاد ها أنا قادم اليك ' .. لكن قدر الموت كان هنا فوق ارض حلمت بها وحلم بها الأخوة والرفاق .. وبكيت أكثر وأنا مستفزا من حتمية  أنك ستسافر الى المجهول .. لقد بكينا .. بكت فلسطين .. نعم بكت حين كنت تُقبل يد طبيبك .. وفي أنت ايها الرئيس .. بكيت وهم يحملونك في رحلتك الأخيرة لتودع المنفى وتخبره انك انتصرت لأنك ستعود الى ارض الوطن .. وكنت صادقا حين أطلقت صرختك المشهورة الى احرار العالم رسالة يجب ان تبقى في ذاكرة كل فلسطيني .. إن أحداً لن يستطيع إخراج الفلسطيني من بلاده، وإن إسرائيل يمكنها قتله بما لديها من قنابل ولكنه لن يرحل .. ولم ترحل وصرخت في وجه الكِل في وجه المحتل والمتخاذل : 'يريدوني إما طريداً وإما أسيراً وإما قتيلاً، لا أنا أقول لهم شهيداً، شهيداً، شهيداً'  .. وعدّت شهيدا ..  وحين أضاؤوا الشموع يا سيدي ولم يتمالك الصغير والكبير والرجل والمرأة والطفل والغريب قبل القريب مشاهد وداعك الأخير في جنازتك المشهودة  بكينا بحرقة .. بكينا حتى أننا لم نعلم متى يتوقف البكاء .. متى سوف يتوقف وجع الوداع .. فوالله الى الآن لم يتوقف .. فوالله الى حتى هذه اللحظة لم يتوقف .. قلبي يبكيك ووجداني يبكيك .. أنا من تلاميذك يا قائدي يا زعيمي ويا ابي .. من مدرستك الثورية .. تربيت على العهد والوعد .. على البندقية وغصن الزيتون .. على انقاد وطننا السليب وتحريره من الغزاة .. على يا جبل ما يهزك ريح .. على أن  الأرض للسواعد الثورية التي تحررها .. على أن الوحدة الوطنية بديل للحزبية ... أنا من تلاميذ جنين وغزة وأنا من شعبك الذي خاطبته وانت في قلب الحصار بقولك ' أيها الأحبة الأطفال ليست أعز علينا من حياة أي طفل أو شاب أو رجل أو إمرأة، وليست أحب ولا أعز من حياة فارس عودة، الذي رفع علم فلسطين عالياً، ثم سقط شهيد الوطن والحرية والاستقلال، قدرنا أن نضحي في سبيل فلسطين ومقدساتها وكرامتها وقدسها الشريف ومستقبل الأجيال، ونضحي اليوم من أجل وطن حر عزيز مستقل'.في الساعة الرابعة والنصف من فجر الخميس الحادي عشر من تشرين الثاني نوفمبر 2004 .اعلن المستشفى الفرنسي وفاة  الرئيس ياسر عرفات، عن عمر يناهز 75 عاما  .. وفي رام الله  وبرغم كل العراقيل والحواجز المتعمدة التي وضعتها قوات الاحتلال، وتقطيعها لأوصال الوطن لحرمان المواطنين من وداع قائدهم  وكأنها تواصل حربها ضد رمز فلسطين وهو عائدا شهيدا .. كان  نحو ربع مليون مواطن في انتظار وصول جثمان القائد الرمز في رحلته الأخيرة..وعند الساعة الثانية والربع بتوقيت فلسطين من يوم الجمعة الثاني عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2004 ، وصل  جثمان ' أبو عمار' وكان المشهد مؤلماً وحزيناً للسيل الجارف من المواطنين  الذين كانوا في استقبال والدهم وزعيمهم التاريخي العائد شهيدا .. وفي يوم وداعك انهمرت الأمطار لتودع  رمز العاصفة وقائد سفينة العودة من بيروت وتونس الى القدس حيث فلسطين .. ستبقى عاصفة الثورة كما أردتها دوما ثورة حتى النصر .. ستبقى الهوية والإرادة وتهز قضيتنا كل عواصم العالم .. رحم الله أبو عمار..  والنصر لشعبنا الصامد ..