مرت مدينة رام الله البارحة بليلة ساخنة، وسط العديد من التكهنات حول مصير الانتخابات العامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في ظل هبة المقدسيين وفشل جهود الاتحاد الأوروبي في جهوده الرامية إلى أخذ ضمانات من دولة الاحتلال بإجراء الانتخابات في القدس. وحسمًا لهذه التكهنات، وتماشيًا مع توجهات الرأي العام حول عدم إجراء الانتخابات بدون القدس كما تظهرها استطلاعات الرأي، قررت القياده الفلسطينية بأغلبية الفصائل تأجيل الانتخابات العامة حتى يتم ضمان عدم إعاقة إجراء الانتخابات في مدينة القدس المحتلة، ويأتي هذا القرار في إطار اجتماع فصائل العمل الوطني وعددٍ من القيادات السياسية، والذي عقد ليلة أمس في رام الله، كما ينسجم هذا القرار مع توصيات لجنة الانتخابات المركزية التي أكدت استحالة إجراء الانتخابات في المدينة المقدسة نتيجة لمنع حكومة الاحتلال إجراءها في المدينة.

وقد أوضح الرئيس "أبو مازن" بما لا يدع مجالًا الشك بأن الانتخابات أجلت ولكنها لم تلغ، وأن هذا التأجيل مرتبط أولًا وأخيرًا بالإصرار الفلسطيني على أهمية مشاركة القدس في الانتخابات باعتبارها عاصمة الدولة الفلسطينية، ولم يأت هذا التأجيل بتاتًا في سياق التهرب من الاستحقاق الانتخابي. وأكد السيد الرئيس على موقفه هذا حينما أشار صراحة في خطابه بأنه "لو تم السماح للمقدسيين بالمشاركة في الانتخابات بعد أسبوع من الآن سنعقد الانتخابات بعد أسبوع"، وهذه العبارة تؤكد على الموقف الفلسطيني الثابت والراسخ حيال المدينة المقدسة وعدم التماشي مع صفقة القرن والمخطط الصهيوني بتهويد المدينة.

وفي سياق عملية التأجيل، يثار سؤالٌ مهم حول ماذا بعد تأجيل الانتخابات الفلسطينية؟. وهنا، فإننا نؤكد على أن المرحلة القادمة هي مرحلة مصيرية وعلينا جميعًا كفلسطينيين قيادة وأحزابًا ومواطنين أن نستمر في نضالنا من أجل استكمال المسيرة الديمقراطية باعتبار الانتخابات العامة وفي إطار الخصوصية الفلسطينية، ليست فقط أداة للتداول السلمي للسلطة، وإنما أيضا أداة لمقارعة الاحتلال وطريقة للمارسة حق تقرير المصير. وفي هذا الإطار، أقترح البدء بالقيام بعدة خطوات لتحقيق هذه الغايات وهي:

استمرار العمل النضالي والمقاومة الشعبية في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة ضد سياسة الاحتلال الرامية إلى منع إجراء الانتخابات في مدنية القدس.

دعم هبة المقدسيين بما فيها أعمال العصيان ضد حكومة الاحتلال في المدينة المحتلة، بحيث يكون عنوانها وشعارها الرئيس "القدس اولا في الانتخابات العامة"

تشكيل حكومة وحدة وطنية من التكنوقراط، بحيث يتضمن خطاب التكليف لها إجراء الانتخابات العامة بما فيها مدينة القدس.

استمرار نمط التوافقية الفلسطينية بين جميع فصائل العمل الوطني والاسلامي من خلال الاستمرار بعقد اجتماعات الفصائل والالتزام بمخرجاتها، وذلك بهدف تمتين الجبهة الداخلية في مقاومة المشروع الصهيوني، وتعزيز الصمود المقدسي بهدف إجراء الانتخابات في القدس.

تفعيل الدبلوماسية الفلسطينية الضاغطة لدى الدول الصديقة ولدى المنظمات الدولية بهدف إرغام إسرائيل على السماح للمقدسيين بالمشاركة في الانتخابات العامة وفقًا للاتفاقيات المبرمة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

استمرار جهود المصالحة وإنهاء الانقسام من خلال المضي قدمًا في تطبيق اتفاقات القاهرة للمصالحة وعلى رأسها اتفاق القاهرة عام 2017.

وأخيرًا، فإن على الكل الفلسطيني أن يتوحد في هذه المرحلة الحاسمة من مراحل النضال ضد المحتل، وألا تغيب عن أعيننا أهمية القدس ورمزيتها النضالية والدينية، فالقدس بوصلة النضال، والتخلص من الاحتلال هو الأولوية الأولى لجميع الفلسطينيين.