اول امس قام الطيران الحربي الاسرائيلي بقصف موقع لحركة الجهاد الاسلامي في مدينة رفح، ذهب ضحيته خمسة شهداء على رأسهم المجاهد محمود الشيخ خليل، وهو الخامس من اشقائه الذين استشهدوا. وتلا ذلك قصف على اهداف اخرى في قطاع غزة أدى الى إستشهاد اربعة آخرين من المناضلين، الامر الذي يكشف للمرة الالف أن دولة الابرتهايد الاسرائيلية لا تلتزم بأية تعهدات أي كانت. ويدلل على أن حكومة اليمين المتطرف ليست بوارد منح حركة حماس او غيرها من القوى  اي فرصة لالتقاط انفاسها، او للتغني ب"إنتصارات" حققتها (نسبة للافراج عن اسرى الحرية) كما ان القيادة السياسية والامنية الاسرائيلية تعمل وفق رؤيتها وبرنامجها، وعنوانه الاساسي تصفية وقتل كل المناضلين، إن لم يكن بالجملة فبالمفرق، لان اسرائيل تعي جيدا، ان عملية عسكرية كبيرة في زمن الربيع العربي قد تؤدي لنتائج عكسية. فضلا عن انها تريد ان تبقي محافظات الجنوب الغزية تحت رحمة الحراب الاسرائيلية. ولانها تعلم ان ردود الفعل الدولية لا تساوي شيئا بالنسبة لها طالما الولايات المتحدة تقف خلفها.

والسؤال الذي يطرح نفسه على العالم وخاصة الولايات المتحدة، هل يوجد لحكومة اقصى اليمين مبرر سياسي او امني او اخلاقي يسمح لها بعمليات القصف ضد المواطنين والمناضلين الفلسطينيين طالما هناك هدنة بين حكومة الاحتلال والعدوان الاسرائيلي، إضافة الى ان اي من فصائل العمل الوطني لم ينفذ اي عمل عسكري ضد الدولة الاسرائيلية؟ ولماذا الصمت الدولي تجاه جرائم إسرائيل؟ ما هو المنطق الذي يحكم هكذا سياسات؟ وفي اي خانة تصب؟ ألآ تصب جميع الاسئلة في جواب واحد وحيد ، هو إطلاق يد دولة الابرتهايد الاسرائيلية في قتل الشعب الفلسطيني بدم بارد وعلى مرأى ومسمع من العالم كله؟ 

كما ان السؤال مطروح على لجنة المتابعة العربية ، التي عقدت اجتماعاتها بالامس في الدوحة لمتابعة الملف الفلسطيني في ما يتعلق بالحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين على حدود حزيران 1967 في الامم المتحدة عليها ان تجيب بوضوح على العدوان الاسرائيلي البشع باتخاذ سلسلة من القرارات المناسبة والكفيلة بوضع حد للاستهتار الاسرائيلي. لان ترك الامور على ما هي عليه يعني ايضا "القبول" الضمني لما يجري على الارض الفلسطينية.

اللحظة السياسية العربية تتطلب من الجميع الارتقاء الى مستوى المسؤلية السياسية والاخلاقية لايجاد حماية دولية للشعب العربي الفلسطيني من عمليات البطش والجريمة الاسرائيلية المنظمة، وفرض عقوبات على دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية لالزامها بوقف عدوانها الهمجي على ابناء القطاع والقدس والضفة عموما ، ولقطع الطريق على عمليات التصعيد التي تستهدف جر المنطقة برمتها وليس الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي الى دوامة العنفوالعودة للمربع صفر.

مشكورة الجهود المصرية، التي تعمل منذ اول امس على إعادة التهدئة، حيث توصلت امس للمرة الثالثة باتمام تهدئة المفترض ان تكون بدأت الساعة العاشرة مساءاً. ومع ذلك لا يمكن الركون لاي اتفاق مع دولة اسرائيل، لاسيما وان اصوات صقور اليمين المتطرف واليمين تنادي بالرد والاقتصاص من ابناء قطاع غزة. غير ان المسؤولية الوطنية تحتم السير بعيدا في التهدئة، لقطع الطريق على الجريمة الاسرائيلية المتجددة ضد ابناء القطاع. ولوضع العالم امام مسؤلياته السياسية والانسانية لالزام حكومة نتنياهو بالوقف الفوري لعملياتها الحربية ضد المواطنين العزل، ولحماية الشعب من عمليات إستنزاف هو بغنى عنها. وفي السياق تحتم الضرورة الوطنية دفع عربة المصالحة الوطنية للامام كرد مباشر على جرائم الاحتلال الاسرائيلي، والكف عن إستنزاف الذات في مهاترات اعلامية غير مجدية، لا بل انها تصب الزيت على نيران الانقسام والانقلاب المشتعلة .

رحم الله شهداء فلسطين جميعا ، الذين استشهدوا من اجل وحدة الشعب والقضية وتحقيق الاهداف الوطنية وفي مقدمتها الحرية والاستقلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 67 وعاصمتها القدس الشرقية وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين الى ديارهم على اساس القرار الدولي 194.