لماذا ثم لماذا , اختارت إسرائيل , هذا التوقيت لاختراق التهدئة مع قطاع غزة , و تطلق حلقة عنف جديدة , عندما اختارت أن تنفذ عملية اغتيال مؤلمة لعدد كبير من مقاتلي و قادة سرايا القدس , الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي ؟؟؟

في البداية :

لا بد أن نقر أن إسرائيل تعترف أن حركة الجهاد الإسلامي لديها صواريخ جراد , و هي أول من كشف عن وجود هذه الصواريخ في قطاع غزة , و قامت بحملة دعائية سوداء و كبيرة حول هذه الصواريخ التي يفوق مداها و دقتها الصواريخ الأخرى محلية الصنع , و حيث أنه لا مفاجأة في رد الجهاد على العمق الإسرائيلي بهذه الصواريخ , فإن السؤال هو :

لماذا تعمدت إسرائيل انفجار حلقة العنف الجديدة ؟؟؟

هل الهدف التأثير السلبي على التوافق الداخلي الفلسطيني في قطاع غزة المستمر منذ فترة طويلة , و لم يخترق إلا من قبل إسرائيل نفسها في أعقاب العملية الملتبسة التي أطلق عليها عملية إيلات  !!!

 هل حكومة نتنياهو تريد أن ترضي المتطرفين الذين كانوا و مازالوا ضد صفقة الأسرى الأخيرة , فتخلق أجواء لكي تتملص من تنفيذ الجزء الثاني للصفقة الذي يحين موعده بعد أقل من شهرين ؟؟؟

هل حلقة العنف الجديدة هذه لها علاقة بترتيبات يتم الحديث عنها لضرب إيران , و تريد إسرائيل أن تنظف خاصرتها من أية مفاجآت محتملة ؟؟؟

هل إسرائيل تريد أن تمتص موجة الاحتجاجات الداخلية التي انطلقت من جديد , من خلال هذا الاستنفار الأمني , و جعل الأولوية للعدو , كما عودتنا إسرائيل دائما على تصدير أزماتها الداخلية إلى جيرانها الأقربين من خلال حلقات العنف ؟؟؟

هناك المزيد من الأسئلة :

و في هذه المرحلة علينا أن لا نقع في تحليلاتنا ضحية لما تقوله الصحافة الإسرائيلية أو ضحية لما يقال في التصريحات الإسرائيلية العلنية , فلقد تعلمنا أن هذه التسريبات الصحفية و التصريحات الرسمية تحمل في طياتها خداعا متعمدا , و محاولة لتغبيش الصورة أمام عيوننا !!!

أعرف أن الضربة موجعة , و نحن جميعا ننزف من خلال هؤلاء الشهداء من مقاتلي و قادة إخوتنا في حركة الجهاد الإسلامي , حيث يسجل لحركة الجهاد أنها كانت دائما تعطي أولوية للتوافق الفلسطيني حين يكون هذا التوافق مطلوبا بإلحاح , و قد جاءت هذه الحلقة الجديدة من العنف الدموي الإسرائيلي , حاملة معها قدرا كبيرا من الوجع , و حجما كبيرا من الاستفزاز !!! و لكن الأسئلة المطروحة و غيرها تفرض علينا في الكل الفلسطيني أن نقرأ المشهد بعيون فاحصة , و عقول باردة , و رؤية شاملة عميقة , حيث الأولوية الآن للحفاظ على التوافق الوطني مهما كانت الخيارات .

حتى كتابة هذا المقال , بعد ظهر يوم أمس الأحد , لم تنجح الجهود التي بذلتها الشقيقة مصر من أجل استعادة التهدئة بشكل نهائي من قبل كل الأطراف , أو استعادة السيطرة على مجريات الأحداث , و إسرائيل لم تبدي حتى الآن قدرا معقولا من تحمل المسئولية أو الرغبة الجادة في الالتزام بمعايير و استحقاقات التهدئة , فهي لم تكتفي بضربتها الغادرة الأولى التي قتلت فيها ما وصفته بالصيد الثمين , بل كررت غاراتها مرة ثانية و ثالثة , و من يدري ؟؟؟ و في كل غارة كان يسقط شهداء و جرحى و بالتالي فهي تتحمل كامل المسئولية !!! و لكن الحكمة و الشجاعة أيضا تتطلب من الكل الفلسطيني أن لا يسمح للقرار الإسرائيلي المتعمد بالتصعيد أن يأخذنا إلى مدار أخر خارج المدار الذي كنا نحقق فيه بعض الانجازات على المستوى السياسي و الدبلوماسي و على مستوى تحرير مئات من أبنائنا الأسرى الأبطال !!! كما أن التوجهات متزايدة بالذهاب إلى جولة أخرى أكثر جدية نحو المصالحة و مغادرة الانقسام , و ليس من مصلحتها ضرب و تعطيل هذه التوجهات و الغرق في لجة أخرى من العنف الإسرائيلي و تداعياته و أهدافه المكشوفة و الخفية .