تصريحات ' افغدور ليبرمان ' وزير الخارجية الإسرائيلي , ضد الرئيس الفلسطيني أبو مازن , بما تضمنته من تهديدات سافرة , تدخل في بند الجرائم الجنائية بالإضافة إلى بند الجرائم السياسية .

و هذه التصريحات يتحملها أولا و أخيرا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو , بصفته مسئولا عن سلوك و تصرفات وزرائه , و بصفته هو الذي أختار الائتلاف مع أفغدور ليبرمان و حزبه , و هو الذي قبل أن يجيء برجل قادم من أقبية المافيا إلى مقعد وزير الخارجية في حكومة نتنياهو الحالية .

صحيح أن ' ليبرمان ' أعتاد أن يقوم بدور المجنون في التركيبة السياسية الإسرائيلية  الراهنة , دور مجنون العائلة , و انه كان دائما توكل إليه هذه المهمة الهابطة , فهو الذي هدد ذات يوم بقصف السد العالي في أقصى جنوب مصر , و هو الذي يصرخ دائما بالتهديدات كالمجانين , و كان أخر هذه الصرخات قبل شهور قليلة عندما أعلن انه سيشطب القضية الفلسطينية من أجندة وزارته !!! فكانت الصدمة التي يبدو أنه لم يستطع أن يتحملها عقليا و عصبيا , أن هذه القضية صعدت من جديد على يد الرئيس أبو مازن إلى أعلى منصة في العالم , حين وقفت وفود الدول المحتشدة جميعا في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السادسة و الستين , تصفق للرئيس الفلسطيني أبو مازن , بينما تصريحات ليبرمان المجنونة و أفعاله الرديئة جعلت رئيسه نتنياهو يلقي خطابه في قاعة شبه فارغة , و في قاعة واجمة بشكل كامل . 

إذا ,

هي عقدة الفشل التي تطارد أفغدور ليبرمان و تجعله يفقد توازنه إلى حد التهور الجنوني , فيصرخ بهذه التصريحات و التهديدات , و الزبد يتطاير من بين أشداقه !!! و لو كان لديه الحد الأدنى من المسئولية عن نفسه , و عن وعوده , و احترامه لذاته , و للحكومة التي ينتمي إليها , لكان قدم استقالته بعد الاعتراف بفشله , معترفا بأنه كان ينطلق في كل ما قال و ما فعل من تقدير موقف يتسم بضيق الأفق و قلة الخبرة , و أن الحملة الدبلوماسية المكثفة و المكلفة جدا التي قام بها ليبرمان و وزارة خارجيته ضد استحقاق أيلول , و ضد الرئيس أبو مازن , ليثنيه عن عزمه , ذهبت كلها أدراج الرياح , و خاصة حين رأى ليبرمان بعين الحاقد الفاشل كيف تعامل العالم كله مع الرئيس الفلسطيني بصفته رجل دولة من الطراز الأول , يحافظ على مصداقيته العالية و يحافظ على عدالة حقوق شعبه الفلسطيني !!! بل إن الرئيس أبو مازن اختارته إحدى الهيئات الدولية كواحد من أبرز المفكرين السياسيين في هذه السنة !!! بينما انضم أفغدور ليبرمان إلى قائمة أمثاله من ذوي الجماجم الفارغة .

فأفغدور ليبرمان و من خلال تاريخه الشخصي , و من خلال أدائه السياسي كرئيس حزب إسرائيل بيتنا , أو كوزير خارجية لإسرائيل , ليس في موقع يسمح له أن يقيم قادة كبار من طراز الرئيس الفلسطيني !!! و عليه قبل أن يتقمص هذا الدور أن يقنع الصحافة الإسرائيلية أولا التي تصفه بأقذع الصفات , و تطلق عليه الألقاب الاستفزازية .

أما عداء ليبرمان للسلام , و كراهيته للفلسطينيين و العرب و للإنسانية , فهي ليست بحاجة إلى تذكير , فهو شخص يرتوي من الينابيع السامة للكراهية و الحقد و العنصرية المريضة السوداء .

ربما يكون الدور الذي يستحق عليه ليبرمان الشكر الجزيل , أنه كشف نفسه بنفسه , و أنه يدمر مصداقية رئيس الائتلاف نتنياهو , ذلك أن رجلا مؤهلا للسلام حقيقتا , و مؤهلا لتقديم تنازلات شجاعة كما يقول نتنياهو عن نفسه دائما , لا يمكن أن يقبل أن يكون في فريقه رجل مثل ليبرمان لا يجيد سوى الصراخ في نوبات الجنون .