إن العين مغرفة الكلام هكذا يقول مثلنا المحلي، كما إن الصورة بألف كلمة كما يقول المثل الأجنبي وأظنه الانجليزي ، ويقول العالم الشهير (اينشتين) إن الخيال أقوى من المعرفة، وكل هذه الاقتباسات تؤكد على مركزية الصورة وبالتالي تأثيرات العين الخارجية أو العين الداخلية ( الخيال) على وعي وإدراك وأفكار البشر.

 لقد انتقلت آلية التحكم بين الوسيلة ودماغ الإنسان عبر يده على الشكل التالي:

اليد اليمنى(المتحكم=الرموت كنترول) : شكلت اليد اليمنى للغالبية (واليسرى للأقلية) أداة الربط بين المثير الخارجي وهو طرف الاتصال الأول ممثلاً بالرائي (التلفزيون) وبين أداة التحكم في الإنسان وهو العقل أو المشاعر أو الخيال وكلها قابلة للاستثارة باستكانة ، وبأريحية التقبل المريحة مالم يستخدم المشاهد أصابع أو أصبع يده القابضة على الجمر ليغيّر المحطة وهي باب حريته الوحيدة في  مقابل سيل الأخبار والمعلومات والرسائل الجارفة التي تفيض حتى تكاد تسلب أو تحطم أو تدمر وتقتل، ما قيل أن مخترع الرائي (التلفزة) قد حذر منها.

البنان(أطراف أصابع اليدين) : حيث أصبحت هي الرابط  بين ما يتم استقباله وإرساله عبر لوحة مفاتيح جهاز الحاسوب الشخصي أو الحاسوب الحضني (المتحرك) أوالحاسوب اللوحي (الآيباد)، وانتقلنا في هذه المرحلة درجة أصبح فيها التفاعل أوالمشاركة جزء لايتجزأ من عملية التواصل.

السبابة : في المرحلة الثالثة من التطور (الإنساني – التقاني) وتشابكه معا غابت راحة اليد ، كما أصبح استخدام الأنامل غير مطلوب لأنها استبدلت جميعاً بقرار من ستيف جوبز مؤسس شركة (آيل) ومخترع جهاز الحاسوب اللوحي بأصبع واحدة، وغالباً ما نكون السبابة التي تلامس البرنامج أو الخبر أو المعلومة أو التطبيق المطلوب عبر أجهزة الحواسيب الذكية وأجهزة الهواتف الذكية

 التي بدأت تحل شيئاً فشيئاً محل أدوات الاتصال السابقة من مذياع أو رائي (تلفزيون) أو مجلة أو جريدة، أو كتاب بدأ يندب حظه ويتوارى عن الأنظار، مادمت تستطيع الحصول على كل ذلك من خلال لمسة أصبع واحدة (أو بطرقات الأنامل على لوحة المفاتيح أو بمتحكم اليد ) على شاشة تضعها اليوم في جيبك أو يدك ولا نعلم غداً أين تكون ؟ّ!

  إن روابط فيوض الاتصال أثرت ايجابياً على التواصل الإنساني من حيث أنها

  قصّرت المسافات 

  سهلت عملية التواصل

  كثفت التواصل

  ولكنها في المقابل سببت ( انسدادات) أو حققت معيقات حقيقية للاتصالات من حيث أنها:

  جعلتها تفيض عن حدها إلى درجة الإشباع

  أصبحت تمثل للبعض إدمان لا براء منه

حققت اضطرابات في التواصل نتيجة تكاثف (كثرة الى حد كبير) الاتصال وما يؤدي من خلاله إلى إزعاج واختلاف ونقص في التفاهم.

عجز الكلمات أحياناً عن أداء دورها مقابل اللقاء الشخصي المباشر أوالدردشات (الشات).

جرأة التعبير المتخفي وراء الحاسوب أو وراء الاسم المستعار أو بعيداً عن المواجهة المباشرة.

الخلط بين الحقائق والآراء وبين الوقائع والتمنيات ، أو بين الموثوق والمكذوب في القول وفي المواقع المختلفة .... ما يحتاج منا لتعلم فن الفرز وفن البحث وفن (أو قدرة ) التحليل للمعلومات وبالتالي إنشاء قناعات مستندة لمعلومة صادقة وتحليل موضوعي ما أصبح صعب جداً في ظل هذه الفيوض الاتصالية.

تراجع الواقع (اللقاءات المباشرة والحوارات الثنائية أو الجماعية المباشرة، وما يتصل بها من ندوات ودورات ومهرجانات ... ) مقابل ما يسمى الواقع الافتراضي المهيمن .