ما حصل في ليبيا هو جنون على غرار جنون القدافي هل كان القذافي مجنوناً لوحده؟! أجهزوا على ابنه الممدد على حمالة، ويبدو بحالة جيدة، قتلوا الكثير من ازلامه ورموز امبراطوريته العظمى ورموها في الشوارع! لن يستطيعوا اخفاء الجريمة، فآثارها واضحة في اكثر من مكان. فكل تصريح خرجوا به فيه إدانة لجريمتهم البشعة، لقد شجَّع كثيرون على هذا الكرنفال الاجرامي على مدى شهور، لم يبق كاتب ولا محلل ولا اعلامي ولا متفقّه ولا صحافي ولا ونبش تاريخه وسلسفيله، لم ينبه احد هؤلاء الى ما يمكن ان يكون في حال العثور على الطاغوت واولاده ومناصريه، ولم ينبّه احد من ارتكاب المعاصي! هل الجريمة تعاقب بالجريمة؟ اذا كان الفاتح من سبتمبر شؤماً ولعنة حلّت على ليبيا، وجلب لها كل هذا الجنون والمهانة والدكتاتورية والعظائم، فإن فاتحة هذه الثورة والاعمال الانتقامية البشعة لا يبشر بحال أسعد! لم تكن الفذلكات والدجل والكذب من اجل التملص من الجريمة ومن حقيقة ما جرى موفقه، ستبقى وصمة عار يندى لها جبين الانسانية في حاضر ليبيا ومستقبلها. فالمجلس الانتقالي الحاكم لم يطالب بتوقيف الفاعلين ولا بالتحقيق معهم حتى الآن؟ بل أشاد وكافأ كنا نطمح ان نرى صورة حضارية من الثوار الذين انقلبوا على الطاغية، كنا نريد منهم أن يكونوا مثالاً يحتذى. لا ان يحلوا قتلة محل القاتل، نريد منهم ان يتصرفوا بشكل حضاري، ان يقدّموه الى الجهات المختصة لينال محاكمة عادلة ويلقى جزاءه بحسب القوانين والاعراف التي نصت عليها مواثيق حقوق الانسان، كان المسلمون يعاملون الاسرى احسن معاملة؟! وللأسير حقوق كفلتها الشرعية الدولية، فهل تعامل الثوار مع اسراهم بطريقة حضارية؟ لقد خسرت ليبيا الكثير بهذه المقتلة، خسرت اسرار الصفقات التي عقدها القذافي مع الكثيرين، خسرت معرفة السمسرات والمتاجرات واموال الليبيين المنهوبة أين ذهبت وكيف ذهبت؟! كان يمكن لليبيين ان يستفيدوا منه بالمعلومات التي اخفاها طيلة اربعة عقود بما فعله بليبيا وشعبها وبغيرهم هنا وهناك، لقد ارتكب القذافي الكثير من الاعمال والسيئات، كان يجب أن يحاكم عليها، كان يجب أن يتوقف كل شيء بعد أسره، ما حصل بعد ذلك اصبح جريمة موصوفة، كنا نريد من هؤلاء ان نلمس روح التسامح والتعقل وتغييراً في الذهنية والنهج والممارسة، وليس كتابة الجزء الثاني من الكتاب الأخضر.
قراءة بالمقلوب في الجزء الثاني من الكتاب الأخضر
29-10-2011
مشاهدة: 912
محمد سعيد
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها