منتصف ليلة الخميس الجمعة المقبلة، تغلق الكنيست أبوابها أمام أية قوائم جديدة لانتخابات الكنيست الـ24، بتعبير أدق لم يبق الكثير من الوقت أمام الكتل والقوى والأحزاب الصهيونية لبلورة قوائمها بشكل نهائي، ومازالت حالة التشظي قائمة، وهناك غيوم ملبدة تموج تحتها العديد من القوى، التي تؤرقها وتضغط عليها استطلاعات الرأي بعدم ت

مكنها من تجاوز نسبة الحسم، وعلى سبيل المثال أعلن موشي يعلون، أمس الأول اعتزاله العمل السياسي، والانسحاب من دوامة المنافسة في الانتخابات الحالية، لإدراكه عدم تجاوز حزبه "تيلم" نسبة الحسم، والأمر ذاته قد يطال حزب "الإسرائيليون" بزعامة رون حولداي، الذي تأسس نهاية كانون الأول 2020، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أنه قد لا يتجاوز نسبة الحسم، كما أن حزب العمل التاريخي وبعد تولي ميراف ميخائيلي، يواجه ذات التحدي بعد انسحاب كل من عمير بيريتس، وايتسك شمولي منه، وكذلك تعيش ذات الأزمة قوى اليمين الديني المتطرف كحزبي "الصهيونية الدينية" بزعامة بتسلئيل سموتيريتش و"عوتسميا يهوديت" بزعامة ايتمار بن غفير، ويضغط رئيس حكومة تسيير الأعمال لتوحيدهما لتجاوز نسبة الحسم مقابل وعود للبناء الاستعماري في عطاروت (قلنديا)، بالإضافة لـ"غيشر" بزعامة أولي ابيكاسيس، و"تنوفا" بقيادة عوفر شيلاح، والحزب الاقتصادي الجديد" بقيادة يارون زليخا. والأمر ذاته ينطبق على القوى والأحزاب الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، التي تشهد ايضا حالة من التشظي والتفكك.

اللوحة الحزبية الصهيونية في حالة انسيابية عالية، وتعيش في دوامة التخبط والحسابات الضيقة والشخصية، والتي تحمل في طياتها ميوعة، وضبابية كثيفة في نتائج الانتخابات القادمة في 23 آذار/مارس المقبل. ولا تشي بالكيفية التي ستكون عليها الكنيست الـ24، ومن هي القوى المؤهلة لتشكيل الحكومة القادمة، رغم محافظة الليكود على المركز الأول، حيث تمنحه استطلاعات الرأي ما بين 30 و27 مقعدًا. لكنه لا يملك القوة الكافية لتشكيل الحكومة، لأن منافسيه حزب "ييش عاتيد" بزعامة لبيد، و"أمل جديد"، بقيادة ساعر، و"يمينا" برئاسة بينت، و"يسرائيل بيتينو" بزعامة ليبرمان لن يسمحوا له بذلك.

 ووفق الاستطلاعات فإن الليكود وحلفاءه من اليمين المتطرف والمتدينين كـ"شاس" و"يهوديت هتوراة" لا يتجاوز الـ48 مقعدا، وحتى لو انضم لهم حزب "يمينا" بزعامة بينت، فلن يتمكن من حصد 61 مقعدا في البرلمان. وكذلك القوى المنافسة له لا تملك القدرة على تشكيل الحكومة. رغم استعداد لبيد التعاون مع القائمة المشتركة من الخارج، هذا إن بقيت القائمة المشتركة، التي تعصف بها رياح التفكك أكثر من عوامل البقاء، لأن القضايا الخلافية بين المكونات الأربعة كبيرة، وهو ما يشي بأن المشهد الإسرائيلي سيكون أكثر سوداوية من لحظة حل الكنيست الـ23 قبل نهاية العام الماضي، وبالتالي من القراءة الواقعية والعلمية لمركبات اللوحة الإسرائيلية يمكن الاستنتاج، بأن الانتخابات للكنيست الـ25 ستكون قريبة، وقريبة جدًا.

إذًا إسرائيل الاستعمارية تتجه نحو الغرق أكثر فأكثر في دوامة أزمات مستعصية سياسية واقتصادية واجتماعية وصحية "كورونا" ودينية وبيئية وقانونية وحزبية، ولا يبدو أنها قادرة على الخروج من نفق الأزمات إلا بأحد السيناريوهات، منها أولًا إخراج نتنياهو من دائرة الحكم إلى السجن، ومحاولة استعادة الليكود وحدته بزعامة اليميني المتطرف جدعون ساعر، أو غيره من القيادات؛ ثانيًا القبول بالشراكة الكاملة مع الأحزاب والقوى الفلسطينية في الـ48، وهذا أمر صعب ولا يستقيم مع مركبات الأحزاب والقوى الصهيونية من أقصاها إلى أقصاها؛ ثالثًا الذهاب لحرب جديدة على إحدى الجبهات الشمالية أو الجنوبية بهدف خلط الأوراق وتعويم نتنياهو مجددًا، لاسيما وأنه مازال يحظى حتى اللحظة بالتفوق على خصومه، رغم اقتراب كل من ساعر ولبيد من مكانته حسب استطلاعات الرأي.

مع ذلك لا خوض الحرب، ولا حتى إخراج نتنياهو من الحكم سينقذ اسرائيل من أزماتها العميقة. والسيناريو الممكن، هو الذهاب إلى خيار السلام على أساس حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وإسقاط القانون "الأساس للدولة اليهودية"، والمساواة للجماهير الفلسطينية العربية في داخل الداخل. غير ذلك ستبقى إسرائيل الاستعمارية غارقة في متاهة التآكل.