هل هكذا هي استراتيجية حماس في المصالـحـة؟!

فتح ميديا - لبنان

من الجيد أن يبدو الإنسان متفائلا طول الوقت او في غالبه، ومن الضروري كي يكون التفاؤل مستداما ان تظهر مؤشرات تعطي الدلالة على مبعث هذا التفاؤل ولو بعد حين وإلا فانه يصبح مثل بخاخ معطر الجو الذي ما أن ترشه  في المحيط..، لا تستمتع برائحته إلا لدقائق معدودة.

المتفائل دوما هو السيد عزام الأحمد عضو مركزية و ممثل حركة فتح في المصالحة مع حماس، وهذه أي التفاؤل غالبا ما تكون سمة محمودة.، ولكنها مع حماس لها طعم آخر، حيث انك لا تكاد تسأل السيد عزام الأحمد عن تصريح سلبي أو هجومي أو اتهامي من هذه الشخصية أو تلك في حماس إلا ويجيبك بما يفيد ثقته الكاملة بأن النتيجة ستكون حاسمة ومحققة للمصالحة الوطنية ، مهما قال هذا أو ذاك الذين لا يمثلون إلا أنفسهم... فهل نخالفه في تفاؤله الكبير والدائم ونقول كفى تفاؤلا؟!! لأن لدينا معطيات أخرى ولننطلق مما يقولون في الإعلام ما يناقض تماما أسلوب عمل وتصرف من يريد المصالحة حقا.

وكي تصحو الحركة الوطنية من غفوتها وكي لا تظل فصائل (م.ت.ف) تعيش في سبات عميق عما يدبر لها بليل من قبل حماس للأسف... فإننا نحيلكم لتصريحات منظمة من قادتها في عنوانها الأبرز استراتيجية تحريض غير معقولة ضد الرئيس أبو مازن وضد (م.ت.ف) وضد السلطة وضد حركة فتح، وبالتالي ضد الشعب الفلسطيني لأن من يستغل كل مناسبة نختلف فيها حتى يبدأ بالهذيان متهما الآخر بما لا يليق بأسس الحوار وقواعد الاختلاف فانه بالضرورة يدبر أمرا بليل بهيم.

لا تخرج دعوات بعض قادة حماس عن ذات الخط، ومنذ معركة القيادة الفلسطينية في الأمم المتحدة ،وبعد مؤتمر طهران الاستعراضي، فهل التحريض المتواصل الذي نراه ونسمعه على الفضائيات لا يمثل حماس؟! نأمل ذلك ؟ وان كان يمثلها فهل يمكن أن نقول أنها دعوة للانقلاب على السلطة تماما كما حصل في الانقلاب الدموي في غزة؟! ... واليكم عددأً من التصريحات التي في معظمها منقولة على ألسنتهم من قناتي الأقصى أو القدس التابعتين لحماس.

يقول عطا الله ابو السبح أن السلطة تقوم ب (إخراس البنادق وزج المقاومين في داخل سجونها المجرمة) مضيفا ان ذلك يتم  (من خلال التنسيق الأمني الخياني)؟!! وداعيا الشعب في الضفة للانقلاب على السلطة جهارا نهارا حيث يقول (يجب أن يهب شعبنا في الضفة الغربية ضد السلطة التعسفية الظالمة المجرمة)؟! وهل في ذلك ما هو أوضح وأوقح وأكثر حقدا وتحريضا من ذلك.

وفي حين يتفاخر محمود الزهار في خطبة له في لبنان انه لو حاول العدو الإقتراب من الأسلاك في غزة (تنهمر قنابل وصواريخ من كتائب عز الدين القسام على رأسه فيفر هاربا)؟!! ولا نرى على  ذلك دليلا واحدا... في ظل التهدئة تلك التي من يخرقها في غزة يتهم بالخيانة ويسجن أو يقتل من قبل حماس.

ويضيف الزهار بتفاخر أن (حماس قاومت الفساد)؟!! وأنها (قادرة على أن تحمي الشعب الفلسطيني لا أن تتعاون معه من اجل أن تمنع أو تحد من برنامج المقاومة)؟!! ما يتفق مع تحريض أبو السبح الأكثر دلالة أعلاه.

وإذ يؤكد الزهار انه يحافظ على حقوق الإنسان؟!! في ذات الخطبة ما كذبته المنظمات الحقوقية الإقليمية والعالمية، وفي حين يعتبر انه (سخّر) نفسه (لخدمة الطائفة المسيحية في غزة وفلسطين) فانه يعفّ عن ذكر تطورات القضية الفلسطينية التي جعلها أبو مازن أيقونة في سماء العالم، ليقول (نحن في طريقنا إلى انتصار تاريخي سوف يشهده العالم وصورة العالم ستتغير من بعد هذا الانتصار)؟! الذي لم يحدده، وله أن يقول ما يشاء فنحترم رأيه ونخالفه... ولكن لا نقبل أي تحريض بالمقابل.

والى مسامع السيد عزام الأحمد المتفائل بالمصالحة مع حماس دوما نحيله أيضا لما يقول خليل الحية عضو المكتب السياسي لحماس إذ يقول (أعطونا دولة على ارض محررة ونحن نعطي هدنة للاحتلال)؟! مضيفا أننا (نقبل بدولة فلسطينية على حدود 67، مع الاحتفاظ بحق الشعب الفلسطيني بالمقاومة وعدم الاعتراف بشرعية الاحتلال هذا يختلف عن القول عدم الاعتراف بإسرائيل ؟ وعودة اللاجئين)

ومع ذلك ويا للغرابة يدين خطوة أبو مازن ويعتبرها (خطيرة) إذ تفرط بـ 78% من فلسطين كما قال ما يناقض فيه ذاته؟! حيث يقبل وحماس بأراضي 1967 ويرفض قبول الآخرين لها؟! فقبولهم مبارك وقبول الآخرين تفريطي؟!!

ويرد عليه سامي أبو خاطر عضو المكتب السياسي لحماس قائلا: (لا اعتقد أن هناك تنازلات كبيرة في خطاب أبو مازن في الأمم المتحدة لان كل التنازلات قدمها سواء أبو مازن بشخصه أو قيادة منظمة التحرير من قبله خلال مسيرة المفاوضات الطويلة)؟!!

ويتمادى الحية فيتهم أبو مازن انه (يأخذ من الاحتلال أدوات لقمع المسيرات التي تريد أن تخرج تأييدا لخطوة أيلول) ؟! في تلفيق عجيب وتعبئة مبطنة،  وكأن حماس سمحت لهذه المسيرات أصلا!!؟،  ثم يواصل تحريضا حيث يقول في غزة( المقاومة مصانة بالقانون ... وما يحدث في غزة تكتيك .. في الضفة حرب على المقاومة...)؟! ماذا يعني ذلك غير الاتفاق على الدعوة للانقلاب كما قال أبو السبح!

أما يوسف رزقه المستشار السياسي للسيد هنية يا سيد عزام الأحمد فانه إذ يعارض خطوة الذهاب للأمم المتحدة كسابقيه لأنه لم تتم استشارتهم أساسا كما يقولون فانه يوجه اتهامات شتى منها التنازل قائلا انه وهنية لا يفوضون أحدا بالتنازل؟!! وداعيا الرئيس عباس أن يوقف التنسيق الأمني (ويتحلى بالشجاعة ويحل السلطة)؟!! في خلط وتداخل غير مفهوم إلا ما يعبر عنه بوضوح ، وان قاله بلسان غيره في المقابلة... فالمشروع (الذي تقدمه حماس مشروع بديل) وعليه فمن المهم بالنسبة لحماس إقصاء الآخر والانقلاب عليه لا المصالحة معه.

 وإذ يرى سامي خاطر عضو مكتب سياسي في حماس إن خطوة تقديم طلب عضوية فلسطين في الأمم المتحدة (هي خطوة سياسية صغيرة وليست كبيرة)؟! وإذ يتهم سامي زهري أيضا أبو مازن بأنه قام( بخطوة انفرادية) مؤكدا في طهران أن لا تنازل عن أي شبر من ارض فلسطين وفي سياق التهكم والاستخفاف يسمى معركة نيويورك (حفلة)؟! أما ما حصل في طهران من استعراضات فلا نعلم ماذا يسميه؟! متجاوزا شجاعة خالد مشعل في طهران الذي اشاد بخطوة أبو مازن واعتبرها مكسبا (إحراج للكيان الإسرائيلي وأمريكا) وإنها (كشف للوجه البشع لأمريكا وإسرائيل) بل وبالنص أيضا قال ( نحن نقدر خطوة الرئيس محمود عباس برفضه لكافة الاملاءات والضغوط الأمريكية) ما خالفه في ذلك معظم قيادات حماس.

هل تتكلم حماس بلسان واحد أم اثنين أم بثلاثة؟!!.. وهل تتبع استراتيجية واحدة في التعامل مع المخالفين أم استراتيجيات متعددة أم انها بالألسنة المتعددة تتبنى تكتيكا ما؟!! لأننا نرى الاعتدال في مشعل والتحريض إلى حد التخوين والتكفير والدعوة للقتل والانقلاب عند آخرين، ونرى من هو بين بين؟! فكيف يا سيد عزام الأحمد تستطيع أن  تتفاهم مع صاحب هذه الوجوه أو الألسنة الثلاثة .. هل نقول أعانك الله أم نقول كفاك تفاؤلا؟

أما صلاح البردويل فهو أيضا من جوقة الساخرين والمتهكمين بشكل مسفّ حيث يقول (تفاجأنا بخطاب الرئيس عباس بانه يقفز؟ أمام العالم) وكأنه (بكلمة القفز) يشبه الرئيس بكائن آخر؟! كما يقول الكاتب خالد هنية تعليقا على ذلك، مضيفا ان الرئيس الفلسطيني(اخذ أمر أيلول بمفرده) ورغم عدم صدق مثل هذا الادعاء وتفنيده، فانه يتمادى بالقول أن أبا مازن قال للعالم (إن بيني وبين حماس اتفاقية وما عليكم إلا أن توافقوا على مشروع أيلول وانا ضامن الشعب الفلسطيني)؟؟! لاحظوا التهكم في انه (ضامن الشعب) وما سبق؟ ثم يتهم التنفيذية في المنظمة وأبو مازن (بسرقة قرار الشعب) ومتهما الرئيس أبو مازن أيضا بتأخير المصالحة ( بحجة تشكيل الحكومة وإبقاء فياض ورهن المصالحة أيضا بموضوع أيلول وقد انتهت "زفة" أيلول) كما ذكر في حط واستهانة من أي تحرك لا دور له فيه ولا (زفة).

بل يتمادى البردويل ليخرج مسافات عن أدب الحوار ليتهم الآخرين.... بقلة الذوق وقلة الحياء حيث يقول (هناك حاجات لم يفعلها أبو مازن تحتاج القليل من الحياء والذوق الوطني..)؟!! ثم يذكرها، فهل مثل هذا الشخص يمتلك ذوقا في مخاطبة مخالفه؟!!... فهل تريد ان تتفاوض لتحقق المصالحة يا سيد عزام الأحمد مع من يتهم الآخر بقلة الأدب والذوق؟!.

ويطغى ويتجبر ويبالغ في التهكم والشتيمة  من مثل ما سبق ويلحقها بتهم التنازل عن فلسطين واختطاف المنظمة والأنانية والتفرد.

أما مع مروان أبو رأس الذي يصف نفسه بأنه عضو ما يسمى رابطة علماء فلسطين بمعنى ان من يسمع هذا اللقب الكبير يفترض بصاحبه الأدب الجم والسماحة والاحترام واللسان المصان... ولكن وبعيدا عن فتاواه بالقتل أثناء الانقلاب عام 2007 هاهو يقول على فضائية حماس ما قد يزعج عزام الأحمد والقيادة الفلسطينية وقد يجعلها تعيد التفكير والتأمل في استراتيجية حماس.

إذ يقوم أبو راس باتهام السلطة وبشكل تهكمي بان لديها ( 10 أجهزة أمنية لم تحمِ مسجدا)؟! متناسيا انه من قصف المساجد في رفح وغزة، ومتهما السلطة بالتخاذل لان ("هؤلاء" قرروا أن لا يدافعوا عن شعبهم) تصور التحقير في كلمة "هؤلاء" وكأنهم نكرة... ويزيد قائلا أن (الكارثة الكبرى التي تقوم بها السلطة الفلسطينية وبالمناسبة هي ليست فلسطينية)؟!! وإذ يعبر بنفي نسبة (الفلسطينية) عن شعبه أو جزء من شعبه فان ذلك دلالة الحقد الدفين والكراهية المغلقة.... فانه يطالب (محمود عباس أن يعيد حساباته وعلى فياض ان يحمل أمتعته ويرحل) في موضة الرحيل المقتبسة عن الربيع العربي؟! أما إلى أين فلا احد يدري ما يمهد لبقاء المستوطنين فقط؟؟

وما بين الاتهام والتشهير إلى التهكم الدال على الغل والحقد والكراهية، حيث ان عباس (حتى ان انتفاضة الطناجر لم يقم بها)؟! ومتبرما من الوضع في الضفة ومحرضا (لان الشعب الفلسطيني لا يستطيع أن يتحمل .. التواطؤ من قبل هذه الأجهزة)؟! مضيفا ان ( الحكومة التي ربطت مصيرها بالاحتلال سيكون زوالها أسرع من زوال الاحتلال)! و ما هو دلالة القنوط من  زوال الاحتلال ما لا يتفق مع من يسمى نفسه عالما؟! والتحريض والتهديد للسلطة من جهة أخرى.

وسننهي الرسالة للسيد عزام الأحمد بما بدأنا وبدعوة عطا الله أبو السبح الصريحة للانقلاب في الضفة ليس على الصهاينة بل على السلطة قائلا (يجب ان يهب شعبنا بالضفة الغربية وان يقول لا لهذه الإجراءات الخيانية التعسفية الظالمة المجرمة على المقاومين) فما قولك دام فضلك. أم نقول كما بدأنا  أيضا كفى يا عزام الأحمد فالمصالحة تحتاج عملاً وجهداً شاقاً وهاماً وضرورياً كما تحتاج قناعة بين الطرفين أو الأطراف كما تحتاج قدرا كبيرا من شجاعة التنازل عن الخطأ لا التمادي فيه.