الحراك الفلسطيني القوي الذي بدأه الرئيس محمود عباس بداية الأسبوع الماضي، كان ضروريًا جدًا، وفي وقته المحسوب بدقة، وكانت بدايته من أجل استنهاض عربي بعد الفتور الذي حدث على إثر سقطات التطبيع العربي المجانية التي بدأت تكشف من الآن عدميتها وفقدان صوابها، وهذا الحراك بدأ بقمتين عربيتين الأولى مع العاهل الأردني والثانية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وأنتج هذا الحراك على الفور استجابة سريعة حيث أكد الملك الأردني أن حل الدولتين يجب أن يحظى عالميًا بمزيد من الجهد الدولي غير التقليدي المصحوب بقرارات عربية، كما جدد الرئيس السيسي استمرار بلاده بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، حتى نيل حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة، على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

وقد أحيط هذا الجهد الفلسطيني والعربي بتأييد واسع النطاق بدءًا من الصين وعدد كبير من الدول، عربية واقليمية وعالمية، والجميع رحبوا بأن يبدأ الرئيس عباس بالإعداد لمؤتمر دولي بكل شروط الجدية والمسؤولية لبلورة الاستقلال الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الحراك الفلسطيني جاء في التوقيت الواعي والصحيح، فاسرائيل تتفاقم أزمتها الداخلية، وتمت الموافقة في القراءة المبدئية على حل الكنيست تمهيدًا لانتخابات رابعة في أقل من سنتين.

لا يستطيع نتنياهو أو غيره أن يخفي الحقيقة بوضع أصبعه أمام عينيه حتى لا يرى، وحتى لو حاول فلن يجد في إسرائيل من يصدقه، لأن دونالد ترامب الذي أغرقه بالهدايا المجانية على وشك أن يغادر البيت الأبيض مطرودًا، وإلى أن يحين موعد مغادرته نهائيًا في العشرين من يناير القادم، ستتكشف الكثير من الفضائح وأولها بدء الحديث عنه ضمن دائرته القريبة جدًا، في عائلته وحواشيها مثل جارد كوشنر، كما أن التأثير الإيجابي لهذا الحراك الفلسطيني الواعي والشجاع أنتج في نهاية الأسبوع اربعة قرارات في الأمم المتحدة تحت عنوان القضية الفلسطينية، وهذه ضربة موجعة لترامب الذي كان يتوهم انه بمجرد اعلان صفقة القرن التي صفعتها القيادة الفلسطينية وشعبها، سيضيق المجال أمام هذه القضية العادلة وشعبها الشجاع، وها هو ترامب يلملم أغراضه ويرحل بينما القضية الفلسطينية تواصل الاشتباك وتحقق التقدم، وإلى مزيد من الحضور والتقدم. والله ولي الصابرين المرابطين.