خرج علينا يوم الأربعاء النائب اللبناني، نزيه نجم في لقاء تلفزيوني مع فضائية "الحدث"، وتحدث عن أزمة لبنان، وإرتأى أن الحل في أزمته الإقتصادية والسياسية تكمن في طرد اللاجئين الفلسطينيين، الذين أطالوا البقاء في لبنان، والنازحين السوريين، وإعادتهم إلى بلدانهم، أو أن تجد لهم الأمم المتحدة مكانًا يأويهم، وطالب القيادة السياسية اللبنانية بإنتهاج سياسة الحياد تجاه الصراعات الدائرة في الإقليم، وهو يقصد النأي بلبنان عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بِشكلٍ خاص.

من الواضح أن النائب عن تيار المستقبل أراد البحث عن دور له في المشهد السياسي اللبناني، لا سيما وأنه صاحب معمل بلاط، وليس ضليعًا ولا ملمًا بلعبة السياسة. بيّد أنه كما يقول المثل الشعبي: "من أول رعياته كسر عصاته"، فأظهر أولاً تخلفًا سياسيًا، وجهلاً مدقعًا في قراءة المشهد السياسي اللبناني ومحيطه العربي، لأنه ارتكب خطايا عديدة عندما عبر عن نفسه تجاه أزمة لبنان، ليس ضد الفلسطينيين والسوريين فقط، إنما ضد لبنان نفسه، الذي جرده من واقعه الجيوبوليتكي، وأسقط عليه مقولة جوفاء، فارغة، وغبية عندما طالب بحياديته، وهو يفترض كنائب أن يكون قد تعلم خلال السنتين الماضيتين من وجوده في البرلمان ألف باء السياسة، ويدرك أن الفصل الميكانيكي بين لبنان ومحيطه العربي والإقليمي والدولي، هو مجرد هراء، وجهل مدقع. لأن المسألة ليست رغبات، أو إسقاطات فوقية وبقرار، كونها أعمق وأكبر مما يتصور النائب المتخلف. ولا أعرف أن كان يعرف، أن تيار المستقبل، الذي يمثله في البرلمان يمثل تيارًا سياسيًا مرتبط بعلاقات عربية وإسلامية وأممية، وكذلك تيار 8 آذار بمشاربه وإتجاهاته المختلفة، وبالتالي طرح مسألة التحييد إنما تعكس فقر حال سياسي ومعرفي؛ ثانيًا هل طرد الفلسطينيين والسوريين العرب من لبنان، يؤمن الحيادية للبنان؟ وهل يعفي لبنان من مسؤولياته الوطنية والقومية والأممية؟ وهل قرأ نجم النائب عن الأرثوذكس تاريخ لبنان المعاصر منذ الإستقلال حتى الآن؟ وهل توقف أمام المحطات التاريخية التي مر بها لبنان من عام 1946 حتى اللحظة الراهنة؟ وهل قرأ عن دور الفلسطينيين في لبنان قبل النكبة وبعدها؟ وهل ألم بما حمله الفلسطينيون معهم للبنان بعد نكبتهم ولجوئهم للبنان الشقيق؟ وهل قرأ مقالة الأستاذ طلال سلمان "االفلسطينيون جوهرة الشرق" حتى يطالب بطردهم؟ ثالثًا وهل تعتقد أنك بدعوتك لطرد الأشقاء العرب من فلسطينيين وسوريين سيعطيك رصيد لدى العدو الصهيو أميركي؟ وهل تفترض أن مثل دعوتك العنصرية القميئة والتافة ترفع من سعرك وقيمتك السياسية أم العكس؟

من الواضح أن نجم بما يمثل، سقط سقوطًا مريعًا في وحل العنصرية، وكشف عن نائب عاق ورخيص المكانة والقيمة، ولا يستحق النقاش من حيث المبدأ، ولكن حتى لا تمر عنصريته مرور الكرام، وتصبح سابقة تطلب الموقف الرد عليه، وعلى من يقف خلفه، أو من ورطه فيما ذهب إليه من إسفاف وإفلاس سياسي. وبالتالي الرد ليس عليه لوحده، وإنما على كل صوت في لبنان الشقيق يتطاول على الوجود الفلسطيني أو السوري، لأن كل من الفلسطينيين والسوريين ليسوا موجودون برغبتهم وخاطرهم في لبنان. ولن نبقى نردد مقولتنا التاريخية، أن الفلسطيني يريد العودة لوطنه الأم، الذي ليس له وطن غيره، وهو الوطن الفلسطيني. ولكن إلى أن تنضج ظروف العودة بعد تحرير واستقلال وطنه، فالفلسطيني باق في لبنان العربي، ولن يغادره إلى مكان آخر إلآ إلى فلسطين، وحتى الذين أرغمتهم العنصرية اللبنانية أو الحرب السورية السورية أو الحرب الأميركية الغربية على العراق وتداعياتها على الهجرة إلى المنافي الأوروبية، سيعودون لفلسطين، وواهم من يعتقد ان الفلسطيني ستنسيه بلاد المنافي وطنه الأم، فهو الآن أكثر تمسكًا بوطنه وبحقوقه وثوابته الوطنية.

وحتى لا أطيل، فإن الواجب يملي على تيار المستقبل، الذي يمثله نجم، أولاً مطالبة نائبة بالإعتذار عما بدر منه؛ ثانيًا طرده من التيار كعقوبة على الخطيئة العنصرية، التي إرتكبها؛ ثالثًا إصدار بيان سياسي عن الرئيس سعد الحريري يصوب فيه رؤية التيار تجاه المسألة الفلسطينية بشكل خاص وتجاه النازحين السوريين حتى لا تبقى هناك اية ضبابية تجاه مواقف التيار؛ رابعًا تعميم ثقافة التعاضد والتكافل الأخوي بين الشعب اللبناني الشقيق والشعبين الفلسطيني والسوري في لبنان، ونزع فتيل التحريض العنصري من اوساط التيار. لأن عدم أخذ موقف، والمراوحة الصامته في ذات المكان يثير اسئلة عديدة على التيار برمته، وأعتقد ان الحريري الإبن لا يقبل بذلك.