ما الذي يكشفه لنا فيروس "الكورونا" وقد طال مكوثه الثقيل المهدد لسلامة حياتنا وتواصلها..؟؟ ما يكشفه هذا الفيروس الخطير لنا، حقيقة نعرفها جيدًا، أن ليس هناك ما هو أثمن من الحرية، سواء في إطارها الخاص أو إطارها العام، إذ الفيروس هو الذي بات يحاصرها الآن في واقع الجائحة، بتحالفه مع الاستهتار، وانكار البعض لوجوده، وليس إجراءات الحجر الصحي أو المنزلي من يفعل ذلك، والتي هي في الواقع، وفي المحصلة، من سبل الدفاع عن الحرية كي تظل ممكنة، حين تمام العافية.
والحرية في نشيدها الملحمي، خلاصة السعي الإنساني لحياة العدل والكرامة والازدهار، وشعبنا الفلسطيني، هو شعب الحرية بلا جدال، وقد شق أصعب دروبها ومضى فيها بتضحياته العظيمة، وما زال لينهي وجود الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على أرضه كي يطلق العنان لحريته تحت رايات دولته المستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية، وعلى نحو ما تكرس الحرية من قيم الانتاج والابداع في مختلف حقول الحياة. ولهذا وبقدر ما نضحي للدفاع عن حريتنا في اطارها النضالي هذا، بقدر ما ينبغي ان نضحي لدلفاع عن حريتنا في إطارها الاجتماعي والشخصي في مواجهة فيروس كورونا الذي يريد سلبها منا ولا سبيل لنا في هذا السياق سوى الالتزام الصارم بسبل الوقاية، وبوسعنا أن نجعل من التباعد، وتجنب المخالطات الواسعة، وحتى الحجر المنزلي، من مسالك الحرية، ومن منازلها التي تؤمن لنا الراحة والطمأنينة، حين التأمل بوعي وتفهم، بأهمية وضرورة الالتزام بتلك السبل وإجراءتها وتعليماتها.
والحق أن الحرية تعني الحياة، ولهذا حين نقول أن ليس هناك ما هو أثمن منها، فإننا نعني ان ليس هناك ما هو أثمن من الحياة، وليس هناك ما هو أنبل من مهمات الدفاع عنها، كي تكون بسلامتها العامة، وبعافية أهلها حتى يواصلوا عيشها على ما ينبغي أن يكون العيش، بحرية وعدل وكرامة وسلام واستقرار.
"كورونا" على نحو ما معلم بمخصص باهظ، ولهذا من الخطيئة والخطأ الجسيم، أن نتعامل مع دروسه باستهتار، أو بإنكار، وإن كان الإنكار بعد اليوم سيعد عملاً من أعمال الجهل والتخلف ويجب ملاحقته بكل قوة، لأن ضحايا الفيروس لم يعودوا أشباحًا بالنسبة لنا، ولا أرقاما ونحن نعرف بعضهم، ولنا منهم أقرباء ومعارف وأصدقاء، الذين نرجوا الله سبحانه وتعالى، أن يمنحهم الشفاء العاجل، كما نسأله عز وجل، أن يزيح عنا هذه الغمة، ويبعد عنا كل جائحة، والتي لن ننسى أن الاحتلال سيظل أخطرها، والتي سنظل نحن لها حتى زوالها، بمشيئة الله ورحمته، إنه سميع مجيب.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها