المظاهرات التي جرت بِعشرات الآلاف في إسرائيل ضد حكومة التناوب بين بنيامين نتنياهو والجنرال بني غانتس كشفت بِشكل قاطع أن الانتخابات الثالثة في إسرائيل التي جرت في الثالث من شهر آذار الماضي، لم تحل المشاكل الكامنة في النسق السياسي الإسرائيلي، فهذه المشاكل العميقة التي حاول القادة الإسرائيليون حلها جميعًا على حساب الشعب الفلسطيني بِالمزيد من سرقة أرضه تحت عنوان مخادع جدًا وهو صفقة القرن التي ابتدعها دونالد ترامب ولكنه ورغم ادعاءاته، لم يستطع أن يجد لها تصديرًا في العالم كله سوى بعض المطبعين بالمجان التافهين.

وحتى هؤلاء المطبعين في العالم العربي الذين يتصرفون كلصوص وعملاء ليس إلا، فاجأتهم كوفيد 19، فأخذت منهم كل الاهتمام وكل الأولوية، وأصبحوا هم وتصريحاتهم الممزوجة بالخزي والعار لا أحد يهتم بها لأن البطل الصامت كوفيد 19 يحظى بالاهتمام الأول، أما على المستوى الفلسطيني الإسرائيلي، فالمعركة تزداد التحامًا بسبب أن الحليفين اللدودين يلحقان بِخطوات دونالد ترامب المجنونة التي زاده كوفيد19 جنونًا، فلا شيء عنده سوى الاتهامات البلهاء ،ومحاولات إيجاد عقار يسبق به الآخرين يعوض باكتشافه عن الخسائر القادحة التي تجرعتها أميركا حين بدأت تهبط مكانتها في قيادة النظام الدولي من المرتبة الأولى إلى مراتب متدنية غير أنها لاتزال تحتفظ بالمركز الأول في عدد الإصابات والضحايا أمام كوفيد 19.

مظاهرات إسرائيل ضد حكومة التحالف التي جاءت في أعقاب فشل الحليفين اللدودين نتنياهو- غانتس عبر تشكيل حكومة فلجأ إلى هذا التحالف العجيب الذي تناقش المحكمة الإسرائيلية العليا في القدس مجموع الشكوك والاتهامات والانتقادات الموجهة له، نتنياهو ليس عنده بديل عن رئاسة الحكومة، وإغلاق ملفات الفساد المفتوحة ضده، حتى لا تصل إلى القضاء، واحتمال كبير أن تصل به إلى السجن، ولقد سبق لمستشار الحكومة القضائي مندلبليت أن أدلى بتصريح بقوله أنه لا يوجد مانع قانوني أمام نتنياهو من تشكيل الحكومة ،لكن هذا التصريح المجاني لم تأخذ به ولو بدرجة متدنية المحكمة العليا التي لا تزال تناقش الموضوع بعمق ولكنها تتعرض إلى هجوم متواصل من قبل نتنياهو، لكن المتابعين المتخصصين يقولون إن الانتخابات الثالثة لم تحل مشكلة حرب الصلاحيات بين الحكومة (السلطة التنفيذية)، وبين المؤسسات الدستورية الإسرائيلية، ومؤسسات القضاء الإسرائيلي وفي مقدمتها المحكمة العليا.

سبق نتنياهو في مراحل سابقة أن تصرف بهذه المؤسسات كما يريد، لكن المأزق ازداد عمقًا، بسبب أن اللاعب الجديد وهو القائمة العربية المشتركة بِوعي عال دخلت لاعبًا رئيسيًا في الملعب، ولو أن الأحزاب العربية الأخرى خارج القائمة المشتركة أعطت صوتها لصالح العرب، لكان دور القائمة المشتركة أكثر تأثيرًا، ولكن المعركة محترمة، وليس هناك حلول سهلة مثلما كان يروج نتنياهو طوال الوقت، المعركة عميقة الجذور وأساسها هل إسرائيل دولة افتراضية أم تجمع عصابات، ونتنياهو الذي فتح باب السرقة للأرض الفلسطينية على أوسع مدى اكتشف أن عصابة المستوطنين لا يشبعها شيء، وموقف القيادة الفلسطينية على رأس شعبها ينبع من الثوابت المقدسة، إن الحق الفلسطيني المدعوم بالحضور الفلسطيني الفعال لا يمكن تجاهله، وسوف نرى كيف تكون التطورات