هناك حكومة فلسطينية شرعية واحدة، الشعب الفلسطيني يعتبرها حكومته، والعالم أجمع يعترف بأنها كذلك، ولكن هناك إصرار من ثلاث جهات على استخدام مصطلح حكومة رام الله، وكأن للشعب الفلسطيني أكثر من حكومة، وفي طليعة هؤلاء إسرائيل وأجهزة أمنها وإعلامها، والسبب والأهداف واضحة، كي تقول للعالم ليس هناك طرف يمثل الشعب الفلسطيني تمثيلاً كاملاً، وبالتالي تمضي في مخططاتها التوسعية، وفرض حل الكانتونات على شعبنا، والذي هو حل ما يسمى "صفقة القرن".

الطرف الثاني وهو من أكثر الأطراف استخداما لهذا المصطلح ويكرسه في الوعي. هم الانقلابيون في حماس، الذين فرضوا واقع الانقسام والانفصال عبر سيطرتهم بقوة الأمر الواقع على محافظات الوطن الجنوبية (قطاع غزة ).

حماس، التي سعت منذ تأسيسها عام 1988 أن تكون بديلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية، عملت كل شيء، بما فيه سفك الدم الفلسطيني، من أجل تحقيق هذا الهدف. كما عملت على تكريس سيطرتها على القطاع من أجل المتاجرة بالدم والتضحيات لِجماهير شعبنا هناك للحصول على الأموال لها ولجماعة الإخوان وتنظيمهم الدولي. واستخدام القضية الفلسطينية خدمة لِحلفاء الجماعة الإقليميين.

حماس ومن خلال إمعانها باستخدام هذا المصطلح، إنما تحاول إرسال رسائل إلى دولة الاحتلال، أنها يمكن أن تمضي مع مخططاتها مقابل اعتمادها الطرف الذي يمكن التفاوض معه، هذا الهدف المباشر لحماس، أما الهدف الأبعد فهو أن تعتمد الصهيونية العالمية، والإدارة الأميركية جماعة الإخوان المسلمين، كشريك دولي وإقليمي لتمرير المخططات الأميركية، واحتواء أيّة محاولة جادة للتغيير في المنطقة العربية.

أما الطرف الثالث فهو في الواقع أكثر من طرف، بمعنى كل الجهات التي تدعم المشروع الصهيوني أو تتواطأ معه، وبالتالي هي تستخدم هذا المصطلح خدمة لهذا المشروع الاستعماري، ومن بين هؤلاء بعض المأجورين الفلسطينيين، مع الأسف، الذين يعملون كأجراء عند بعض الحكام العرب، المهرولين لتطبيع علاقاتهم مع إسرائيل، وبالتالي من مصلحتهم تصوير أن الشعب الفلسطيني لا ممثل شرعي وحيد له.

في ظل أزمة الكورونا، ونجاح القيادة والحكومة الفلسطينية في التصدي لها، وبطريقة تشكل نموذجًا حضاريًا، شعر أصحاب مصطلح حكومة رام الله بمشكلة، فالطرف صاحب المصلحة الرئيسية، أي دولة الاحتلال اضطرت للتعامل مع الحكومة الفلسطينية بما تمثله، ولكن دون أن تتخلى عن مخططها الأصلي بتعزيز انفصال غزة من خلال قنوات التطبيع  بينها وبين حماس، بالإضافة لمخطط الضم والمضي قدما بتمرير"صفقة القرن"، مستغلة انشغال العالم بأزمة  الكورونا.

أما حماس، فهي وإن كانت بحاجة للحكومة الفلسطينية التي هي بالفعل من يقدم الدعم لأهلنا في القطاع، فإنها ارتبكت وبعد أن ضمنت قنوات الاتصال مع إسرائيل والدعم المالي الاقليمي الخاص بها، عادت لتستخدم مصطلح حكومة رام الله، من دون أن تتخلى وعلى نحو انتهازي، عن  محاولة الحصول على أي مكسب يأتي من هذه الحكومة!!!

لذلك، كان من المفيد أن يطل علينا الوزراء في ملخصاتهم أمام الإعلام في سياق مواجهة جائحة "الكورونا"، وسمعنا من وزير المالية ومن وزير الاقتصاد والصحة وغيرهم كم يحول للمحافظات الجنوبية (قطاع غزة) من أموال ومساعدات، لتؤكد هذه الحكومة أنها حكومة الكل الفلسطيني، في الوطن والشتات. وعندما انكشف أمر حماس، خرج إسماعيل هنية ليبيع أوهاما وفقاعات إعلامية فارغة، ويتحدث كما وكأنه ولي أمر الشعب الفلسطيني!!!!

ويبقى أن نؤكد، لا حل مع حماس قبل أن تتوقف عن المتاجرة بالقضية الفلسطينية، والتسربل في ثياب المصطلحات الصهيونية، وغاياتها العدوانية.