مضى 22 يومًا على اعتقال الإعلامي عبد الله أبو شرخ من قِبل أجهزة حركة الانقلاب الحمساوية، لمجرد أنه سلط الضوء على جريمة بشعة، تمثلت بالحريق الذي شبّ في أحد الأفران وطال العديد من المنشآت والمحال التجارية، ونجم عنها سقوط 25 شهيدًا حتى الآن، وما يزيد على الخمسين جريحًا، وتركت ندوبًا سوداء قاسية على أبناء الشعب الفلسطيني عمومًا، ومحافظة الوسطى في قطاع غزة خصوصًا، ومدينة النصيرات تحديدًا، التي ابتليت بالجريمة.

وكان الصحفي أبو شرخ تقصى المعطيات حول الحادث المؤلم والبشع، الذي ألقى بِظلالٍ كثيفة على الشعب الفلسطيني. لا سيّما أن الحريق حصل مع انتشار فيروس كورونا في العالم أجمع، أعقبه فرض الرئيس محمود عباس قانون الطوارئ على محافظات ومدن الوطن الفلسطيني. وبعدما استوفى التحقيق عن حريق النصيرات، كتب على صفحته في الفيسبوك منشورًا حمّل فيه المسؤولية لأجهزة حركة الانقلاب الأسود عمومًا، وكتائب القسام خصوصًا. ولم يكن ذلك الاتهام تجنيًا، أو إلصاقًا اعتباطيًا، إنما وفقًا للوقائع. ورغم أنه حذف المنشور لاحقًا، لكن ميليشيات حماس قامت في 13/3/2020 باعتقال الكاتب المناضل، وحتى الآن رغم النداءات المتكررة بالإفراج عنه من قبل الشخصيات والهيئات والاتحادات الثقافية والصحفية والسياسية، إلا أن قيادة الانقلاب رفضت الاستجابة للحملة الوطنية. مع أن اللحظة السياسية والصحية الملازمة لانتشار وباء كورونا، تفرض على قيادة الانقلاب الإفراج الفوري عنه.

لكنها رفضت وأبت ذلك، لأن ركائز فكرها وعقائدها تقوم على البطش والقتل والجريمة المنظمة ضد العباد دون مبرر، وكل منظومتها الدينية والقانونية والسياسية تحلل ما تقدم، ليس هذا فحسب، إنما تقوم بتزوير وتلفيق الحقائق، وتختلقها، وتأتي بشهود من تجار بيع الذمم، أو من المنافقين والحشاشين واللصوص لتلبيس الأبرياء تهما لا تمت لهم بصلة. ولهذا رفضت، وتصر على مواصلة اعتقال المناضل عبدالله أبو شرخ.

وكما يعلم القارئ الفلسطيني عمومًا، إني تريثت كثيرًا قبل أن أكتب عن موضوع الجريمة، فمضى الآن شهر بالتمام والكمال على الحريق، وحرصت ألا أنساق وراء ما يشاع، رغم أني أملك بعض المعطيات البديهية والأولوية عما ارتكبته، وترتكبه أجهزة الجريمة الحمساوية المنظمة، ومنها أولاً يعلم القاصي والداني في محافظات الجنوب، أن كتائب القسام أقامت مُدنًا تحت مدن وقرى ومخيمات القطاع لتخزين السلاح، وحماية عناصرها وقياداتها؛ ثانيًا قامت وتقوم عصاباتها بفرض الخاوات على العباد عمومًا، وأصحاب المصالح خصوصا. فضلا عن فرض الضرائب بسبب ودون سبب؛ ثالثًا كما يدرك الجميع أن القوى المتصارعة داخل حركة الانقلاب تتنافس فيما بينها على تقسيم المناطق والمدن والمخيمات لجمع الخاوات والأتاوات من العباد؛ رابعًا ما أعلنه الكاتب أبو شرخ لم يكن موقفًا كيديًا، ولا انتقامًا شخصيًا من أحد، إنما سلط الضوء على المعلومات المتوفرة لديه عن مطالبة جماعة القسام بخاوة جديدة من صاحب الفرن، ولكنه رفض ذلك، وطلبوا منه كميات من الخبز، وكان أعطاهم الكمية التي يمنحهم إياها بِشكلٍ دوري، ولكن عندما ضاعفوا الطلبية، رفض تلبية الطلب، وهددوه بعظائم الأمور إن لم ينفذ أوامرهم؛ خامسًا حصل الاشتعال بالغاز والفرن بعد أن القى أحد عناصر القسام زجاجة حارقة على الخشب الموجود في محيط الفرن، وحسب القول، أن المجموعة الحمساوية المنفذة للجريمة لم تكن تعلم أن صهريج الغاز (يحمل ثلاثة اطنان) موجودًا بجانب الفرن. عذر أقبح من جريمة (ذنب)؛ سادسًا أول من كان في المنطقة ومباشرة بعد الحريق حسب رواية الناس جميعًا المتواجدين في المكان، والتي نقلها أبو شرخ كانت مجموعات القسام، التي فرضت طوقًا على المنطقة، ولم تسمح للمواطنين بالدخول لمساعدة المصابين، وقامت بِهدم مبان مجاورة للفرن تحت وفوق الأرض. لا سيّما أنها كشفت عن أحد الأنفاق الموجود هناك، وذلك للتغطية على جريمتها، وقبل أن تصل جهات الاختصاص لأخذ البصمات، وتشخيص المكان.

كل ما قام به الإعلامي عبد الله أبو شرخ، هو نقل الحقيقة بشجاعة، ودون تزيد، ولا مبالغة، وأرفقها بوجهة نظره من الانقلاب وأخطاره الجاثمة على أنفاس الناس في القطاع، وما يتركه الآن في زمن تفشي الجائحة الخطرة على حياة المواطنيين الفلسطينيين نتاج السياسات الخرقاء والغبية، التي تنفذها القيادة المتنفذة فيه، وترفض أيضًا الالتزام بقرارات القيادة الشرعية، وتعمل بِشكلٍ حثيث لفرض خيار الإمارة على القطاع المنكوب بهم وبسياسات وأجندات التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين. وعليه مطلوب الإفراج عن الإعلامي عبد الله أبو شرخ فورًا ودون تلكؤ أو تردد، لأن مصير حياته تتحمله حركة حماس.