انتشار عدوى فيروس كورونا بهذه السرعة له أسباب عديدة، منها:

 

١. هذا فيروس جديد لا يوجد أحد لديه مناعة ضده.. ولو ظهر في مدينة ووهان الصينية في الشتاء القادم فسيصطدم بجمهور لديه جزء من المناعة التي اكتسبها خلال العدوى الحالية والتي لن تسمح له بالانتشار بنفس السهولة التي انتشر بها عندما هاجم الناس هذا العام على حين غرّة.

 

٢. العالم قرية صغيرة، لم تعد الحدود السياسية حاجزاً أمام انتقال الأشخاص والبضائع والشائعات والأمراض، وحتى في حالة يحكمها العداء الوجودي كحالتنا نحن والمحتل المستعمر لأرضنا هناك عشرات الآلاف ممن يقضون يومهم في الجانب الآخر من الخط الوهمي الفاصل بيننا، ويعودون محملين بالبضائع وتعب العمل الشاق وقليل من الفيروسات.

 

٣. هذا الفيروس ليس خطيراً لدرجة تتسبب بمئات الآلاف من الضحايا، وقد علمتنا التجربة أن أسهل الأمراض انتشاراً هي تلك الأمراض التي لا تشكل خطراً حقيقياً على حياة الناس، كالحصبة مثلاً أو الإنفلونزا. أما الأمراض الفتّاكة فهي لا تنتقل بسهولة، ومثال على ذلك فيروس إيبولا في بعض مناطق إفريقيا: تظهر عدوى محدودة سنوياً تكون نتيجتها وفاة عشرات أو مئات المصابين لكنها لا تنتشر خارج نطاق المنطقة الموبوءة.. لماذا؟ لأنَّ الفيروس يقتل الشخص المصاب قبل أن يستطيع هذا المسكين نقل المرض إلى أشخاص آخرين..

 

فيروس كورونا ليس خطراً حقيقياً على مجتمعنا المكوّن بشكل رئيسٍ من الشباب الأصحاء من أجيال الانتفاضات المتعاقبة ومقارعة الاحتلال.. وهذ الوصف ليس فيه مبالغة، فهذا جيل لديه مناعة استثنائية لا يمكن أن يفتك به فيروس كورونا.. الخطر الحقيقي الذي يترافق مع انتشار العدوى هو ما يمكن أن يتعرض له كبار السن.. لذلك يجب الانتباه إلى هذه الفئة لأنّها رمز استمراريتنا وذخيرة ذاكرتنا، ولا بد من تجنيبها الإصابة بالفيروس اللعين من خلال توفير الرعاية لها والمحافظة على نظافة البيت وروّاده. 

غسل اليدين قبل دخول البيت أولى من الصلاة. 

 

د.خليل نزال

اختصاصي الأمراض المُعدِية وأمراض الكبد والإيدز

وارسو/بولندا

١٠-٣-٢٠٢٠