لن ينسينا فيروس "كورونا "الذي يهيمن في هذه الايام، على أحاديث الناس، وفي مختلف وسائل الاعلام في كل مكان، لن ينسينا أن اليوم، هو يوم المرأة العالمي، لنحتفي به يومًا من أيّام التحضر الإنساني، الساعي لنيل المرأة لكامل حقوقها المشروعة، ولأن هذا اليوم بالنسبة لنا، هو يوم الأيقونات الفلسطينية الخلاقة، وحيث قضيتها في مشروعنا الوطني، برؤيته الاجتماعية، ليست قضية مساواة وحقوق فحسب، وإنما هي قضية تحرر، من الاحتلال، والثقافة الذكورية معًا، القضية التي سنواصل دعمها، بثقافة التنوير وسن القوانين اللازمة، التي تؤمن للمرأة حريتها المسؤولة، وكرامتها الاجتماعية والاقتصادية، وتعزز دورها في مواقع القرار السياسي، والاجتماعي، والثقافي، وعلى مختلف الأصعدة.

لن ينسينا "الكورونا" هذا اليوم المجيد، لكنا لن نغفل عنه، فمع أول ظهور له، في أحد فنادق بيت لحم، ولمّا يزل حالة اشتباه، سارع الرئيس أبو مازن، وبقرار المسؤولية الوطنية والاجتماعية، والحضارية الانسانية، لإعلان حالة الطوارئ في فلسطين، من أقصى الجنوب، إلى أقصى الشمال، لنسبق بذلك إسرائيل، ودولًا عدة في الاقليم، ولطالما سجلت فلسطين السبق، بقيادتها الحكيمة، في تحمل مسؤوليات الدفاع، بمشروعها التحرري، ورؤيتها الحضارية، عن الحياة وعافيتها الخلاقة، ضد مختلف فيروسات الأمراض الخبيثة، التي تشكل العنصرية، ويشكل الاحتلال والارهاب، أخطر أنواعها.

و"كورونا" الذي لا يحمل أي هوية عرقية، أو حزبية أو عقائدية، وبكونه عابرًا للحدود، طبقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن التصدي له، للقضاء عليه، لا يتطلب موقفًا  سياسيًا، ولا حزبيًا، ولا عقائديًا، وإنما الاستنفار الانساني، للدفاع عن حياة البشرية كلها، ضد خطر تدهورها المميت، غير أن حركة حماس لا ترى ذلك، ولا تفهم ذلك، وقد ألزمت "الكورونا" بموقفها الحزبي، وهي تعلن أن قطاع غزة المكلوم، الذي تهيمن عليه، غير مشمول بحالة الطوارئ!!! التي أعلنها الرئيس أبو مازن، وبالقطع هذا ليس موقفًا لمناكفة سياسية فحسب، كما علق الكثير من المواطنين، على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وإنما أساس الموقف الحزبي لحماس، في مناهضتها لأي محاولة توحيد وطنية، حتى لو كانت لأجل عافية الناس، في مواجهة فيروس خطير، كهذا الذي اسمه "كورونا"!! وبقدر ما في هذا الموقف من خطيئة أخلاقية، بقدر ما يؤكد أن غاية حماس الاستراتيجية، تظل هي الغاية الحزبية الضيقة، الساعية لتأبيد الانقسام البغيض، وعلى ما هو جلي تمامًا، فإنه الموقف الذي لا يكترث لأي قيم إنسانية، وهو يغامر بحياة الناس في القطاع المكلوم، لصالح مشروعه السلطوي الانقسامي!! 

وقد بات أهلنا في قطاع غزة اليوم في واد، وسلطة حماس في واد آخر، حيث اجمعت فعاليات ومؤسسات مختلفة في القطاع المكلوم، على الالتزام بحالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس أبو مازن وباتت الحكومة تترجمها بإجراءات وتعليمات تقنية، وصحية لازمة، تمكن رؤيتها الآن بأنها من أجدى الاجراءات والتعليمات، وأحرصها مسؤولية وشفافية، وأصدقها وأجملها إنسانية، فمن بين ما قررته الحكومة في هذا الاطار، التعامل مع السياح، والزوار، والمقيمين الأجانب، في فلسطين معاملة المواطنين، فلا عنصرية في المرض، ولا تمييز، وهذه هي فلسطين بقيادتها وحكومتها وشعبها، هذه هي فلسطين بتحضرها وثقافتها الانسانية.. وإنه لأمر محزن حقا، ألا تكون حماس جزءًا من هذا الواقع الفلسطيني، بتحضره وثقافته الانسانية الأكيدة!!  سنهزم "كورونا" فحالة الطوارئ على أفضل وأجدى ما نريد، مثلما سنهزم حتما فيروسات العنصرية والاحتلال والارهاب، ولن ننسى قضية المرأة، لا في يومها العالمي، ولا في أي يوم من أيّام السنة حتى انتصارها بالتحرر والعدل والمساواة.