المقولات التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد جي ترامب، وبجانبه بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل، تحت عنوان صفقة القرن، ليس فيها جملة واحدة من تأليف ترامب، بل هي من أولها إلى آخرها ما أملاه نتنياهو على مسامع كبير مستشاري ترامب، زوج ابنته جاريد كوشنر، سمعنا بعضًا من صداها على لسان كوشنر الذي يصفه ترامب برجل القانون الذي ليس له مثيل خلال ورشة البحرين التي رفضناها فسقطت وأصبحت عارًا.

إنها مقولات استمعنا إليها سابقًا من نتنياهو مباشرة، وردة فعلنا الفلسطينية الجمعية تحت لواء الشرعية الفلسطينية ورأس هذه الشرعية الرئيس أبو مازن كانت عميقة، ومحقة، وعادلة، وتحتوي الكل الفلسطيني، بل تحتوي الكل العربي والإسلامي، والشرعية الدولية من أقصاها إلى أقصاها، وهي جسّدت شعاراتنا الأولى التي أعلناها منذ اليوم الأول الذي أطلقت فيه "فتح" الثورة الفلسطينية المعاصرة في الأول من يناير 1965، حين قلنا إنَّ هذه الثورة هي فلسطينية الوجه والعنوان وعربية وإسلامية العمق والجذور، إنسانية الامتداد.

ولم يكن ذلك مجرد شعار ملون، بل كان جوهر الحقيقة، فهذا العدوان الصهيوني الذي استهدف شعبنا الفلسطيني، مدعمًا بآليات الاستعمار القديم والامبريالية الزاحفة، في استهدافه للحقوق الفلسطينية، إنما يستهدف أمة كاملة في جذورها وحقوقها وثوابتها، وهي الامة العربية والأمة الإسلامية فالقدس أبرز عناوين قضيتنا، ليست مجرد حجارة بل هي رسالة ومقومات وجود كاملة، وقد يقول قائل إنَّ بعضًا من هذه الأمة العربية والأمة الإسلامية يستهون السقوط، فنقول لهم، حتى لو حدث ذلك، فإنَّ الأمة بكلِّ مقومات وجودها في قلب المعركة، ولعلَّ المراقبين الذين استمعوا إلى هذيانات ترامب الذي أقسم لكم أنه لم يكن في حالة عقلية تسمح له أن يعرف ما يقول، خذوا مثلاً النص "إسرائيل لن تتحمل مسؤولية اللاجئين" يعني العرب هم الذين يتحملون المسؤولية، هل يعي ترامب قوة التفجير للمنطقة الناجم عن ذلك؟؟؟

ثم إنّ ترامب، وهو يدلي بنص لا يفهم ما فيه بسبب قصوره العقلي يطلب من الفلسطينيين أن يكونوا سعداء، لا يعطيهم شيئًا من حقوقهم لا الآن ولا في المستقبل ويقول لهم افرحوا فقد أهديت لكم الكثير، وهو يتجاهل عمدًا، وربما قاصر عن المعرفة أن الشعب الفلسطيني وعلى رأسه قيادته هم سدنة الذاكرة، وسدنة الوعي والمعرفة، وسرهم الأكبر هو القدرة الفائقة على البقاء.

عندما يتحالف بشكل مثير للشبهات فاسد يرتجف من خوف السقوط وهو نتنياهو مع فاسد أكبر يحاكم لتخبطه على مختلف المستويات وهو دونالد ترامب، فهل سيكون موضوع التحالف بينهما هو السلام والأمن والعدالة؟؟؟؟ مستحيل، سيكون موضوع اتفاقهما هو التخبط الحاد، والخروج عن الشرعية الدولية، وتحطيم كل القوانين، والاستهتار بمصالح العالم على كل صعيد، وانظروا كم قضيتنا تصعد، عقولنا تبقى هادئة، وبوصلتنا ستظل موجهة إلى حقنا المقدس، وسلامًا على الصادقين الصابرين.