تقرير: إسراء غوراني
سيضطر أبو صقر مرة أخرى للبحث عن طريق بديلة تقوده إلى خيمته السكنية في خربة الحديدية بالأغوار الشمالية، بعد إغلاق سلطات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، الطريق الزراعية المؤدية للخربة بسياج وجدار معدني.
يقول أبو صقر وهو من أقدم مواطني المنطقة، إن المواطنين بدؤوا باستخدام هذه الطريق منذ فترة وجيزة، بعد تخريب سلطات الاحتلال وتجريفها الطريق التي يسلكونها يوميا، وإغلاقها بالسواتر الترابية، في محاولة للتضييق عليهم لتهجيرهم من المنطقة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تغلق فيها سلطات الاحتلال أو تخرب الطرق المؤدية إلى خربة الحديدية، فخلال الأعوام القليلة الماضية أغلقت العديد من الطرق في الأغوار الشمالية ودمرتها عشرات المرات، ما اضطر السكان في كل مرة إلى البحث عن طرق أخرى.
ويؤكد أبو صقر أن التضييق على أهالي الخربة بدأ مع إقامة مستوطنة "روعيه"، فقبل 30 عاما أغلقت المستوطنة الطريق الرئيسة المؤدية إلى الخربة بهدف تضييق الخناق على السكان ومحاربتهم في سبل معيشتهم، علما أن الطريق الرئيسية التي أغلقت هي أراضي طابو مملوكة للسكان وهذا موضح ضمن المخططات الهيكلية.
حاول سكان الحديدية الاستعاضة عن طريقهم الرئيسية بسلوك طرق ثانوية وزراعية، فأصبحت الطريق البديلة على مدار الأعوام السابقة هي الطريق الزراعية القريبة من خلة مكحول المجاورة.
تعرضت الطريق البديلة للتدمير والتخريب عشرات المرات خلال الأعوام القليلة الماضية بواسطة الجرافات والآليات الإسرائيلية، وكانت آخر مرة قبل حوالي شهر، حيث عملت جرافات الاحتلال على تدمير الطريق بشكل كبير، بالإضافة إلى إغلاق أجزاء منها بالسواتر الترابية، مما جعل إمكانية الوصول للخربة من خلالها شبه مستحيلة، ما اضطر السكان لسلوك الطريق الزراعية التي تم إغلاقها أمس.
ويواجه سكان خربة الحديدية كغيرهم من سكان الأغوار محاولات الاحتلال والمستوطنين اليومية لاقتلاعهم من أراضيهم وتهجيرهم منها، فبالإضافة إلى التدمير المستمر للطرق المؤدية لها، يتم حرمانهم من استخدام المراعي لرعي مواشيهم، ومحاربتهم في مصادر المياه.
وتعد تربية المواشي مصدر الرزق الأساسي الذي يعتاش منه سكان الخربة، كما يقول أبو صقر، ففي الخربة تقطن 16 عائلة يبلغ عدد أفرادها أكثر 90 شخصا، وتربي هذه العائلات 4 آلاف رأس ماشية.
وتوضح معطيات مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم" حجم الانتهاكات التي يتعرض لها سكان الحديدية، فتشير إلى أن "خربة الحديدية غير مربوطة بشبكة المياه، ومعدل استهلاك المياه فيها يصل إلى 20 لترا للفرد يوميا فقط، وهي كمية أقل بكثير من الكمية التي توصي بها منظمة الصحة العالمية، والتي تصل إلى 100 لتر يوميا للفرد".
وتفيد المعطيات ذاتها أن "القرية معزولة عن تزويد المياه الجارية برغم قربها من منشأة لشفط المياة تابعة لشركة ميكروت الإسرائيلية، والتي توفر المياه لمستوطنتي روعيه وبكعوت المجاورتين، ويصل تخصيص المياه اليومي للفرد في هاتين المستوطنتين، للاستخدامات البيتية فقط، إلى أكثر من 460 لترا لليوم، وهو ما يشكل قرابة 23 ضعفا لاستهلاك المياه في الحديدية".
وتضيف "بتسيلم": "قبل احتلال الضفة الغربية عاش سكان الحديدية على بعد عدة كيلومترات شرق القرية الحالية، إلا أنّ المكان صنف كمنطقة تدريبات عسكرية، وفُرض عليهم إخلاؤه عام 1997، وقد رُفض التماس قدّمه السكان إلى المحكمة العليا ضدّ الإخلاء عام 2003، واضطروا لترك الموقع، ولكن حتى في الموقع الجديد أصدرت سلطات الاحتلال أوامرَ هدم للمباني التي شُيّدت، بادّعاء أنّ الحديث يدور عن أراضٍ زراعيّة، ورفضت مخططات وخرائط قدّمها السكان لتغيير تخصيص الأراضي من أراض زراعية إلى أراض للسكن، كما رُفض التماس قدّمه السكان في آذار 2004 ضدّ سياسة الاحتلال في قريتهم".
ومنذ ذلك الوقت، هدمت سلطات الاحتلال بيوت القرية عدة مرات، وجزء من عمليات الهدم الأخيرة، جرى بادّعاء المكوث في منطقة تدريبات عسكرية، ويأتي هذا برغم من أنّ منطقة القرية غير معرّفة كمنطقة تدريبات عسكرية، وفقا لتقرير "بتسيلم".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها