تقرير: عُلا موقدي
غيب الموت المناضلة الفلسطينية عطاف يوسف (63 عاما) من قرية الجانية شمال غرب رام الله، أحد أهم من ناضل وكتب وساند المرأة الفلسطينية، وانحاز لهمومها الوطنية والشخصية.
منذ صغرها كانت عينها على القضية الفلسطينية، اعتقلت في الثالث والعشرين من شهر أيار/ مايو من عام 1979 أثناء قيامها بزرع قنبلة في القدس المحتلة.
أنهت عطاف مرحلة تعليمها الابتدائية في قريتها، ثم انتقلت لوحدها إلى مدينة رام الله لإكمال دراستها وأنهت مرحلة التوجيهي والتحقت بمعهد المعلمات، الا أنها سُجنت قبل اتمام تعليمها.
في واحدة من مقابلاتها قالت: " كل تفكيري منحصرا في احتلال إسرائيل لأرضنا وما يجب أن نوقعه بهم من أذى كبير أو على الأقل إقلاقهم".
وفي حديث مع مسؤولة الإعلام المرئي والمسموع في طاقم شؤون المرأة أمل جمعة، التي رافقت عطاف لسنوات عديدة بالعمل في طاقم شؤون المرأة، قالت: دخلت عطاف المدرسة مع حرب عام 1967، وكانت المدرسة في قريتها تعلم الإناث للمرحلة الابتدائية المتدنية فقط، لكنها بدعم ومساندة والدها الذي كان فلاحا بسيطا قدمت إلى رام الله وسكنت في بيت لوحدها حتى تكمل مرحلة الثانوية، الفكرة التي لاقت استهجانا واسعا من قبل أهالي قريتها في ذلك الوقت.
وأضافت: شاركت في عمليات فدائية سجنت على أثرها، وهدم منزل ذويها. وعن هذه الحادثة كانت دائماً تروي أن ذلك اليوم الوحيد الذي سمح لها برؤية التلفاز، وأخبرتنا: كنت متشوقة لرؤية أي خبر على التلفاز، فأول مشهد كان صورة والدي استهجنت وجوده بالنشرة الاخبارية كثيراً، ثم عرفت من التلفاز أنهم هدموا المنزل.
قطعت يوسف طريقا طويلا على المستوى الاجتماعي بجانب مسيرتها النضالية في دعم قضايا المرأة، وكانت تؤمن أن النضال لا يتحقق إلا إذا كانت النساء محررات أولاً.
الصحفي نهاد ابو غوش قال لـ"وفا": المناضلة عطاف يوسف التحقت بصفوف الثورة وهي في المرحلة الثانوية، نفذت عددا من العمليات السرية وتلقت التدريبات السرية أيضاً، اعتقلت ضمن خلية عسكرية كان من ضمنها الشهيد زياد أبو عين، وحكمت بالسجن المؤبد، ثم خرجت في عملية تبادل، وبعد خروجها من السجن أبعدت إلى الجزائر، وتزوجت من الأسير المحرر خضر قطان الذي أمضى 17 عاماً في السجن.
وأضاف: كانت يوسف مناضلة على المستوى الشخصي أيضاً، فقد اتخذت قرار زواجها من قطان الذي كان مريضاً بالسرطان وهي تعلم أنه يمضي أيامه الأخيرة بحسب تقاريره الطبية، ومع ذلك تزوجته ورافقته برحلة علاج طويلة، وأنجبت منه ولدين هما حسن وليث.
وفي هذا السياق، قالت جمعة: عندما عادت عطاف إلى عمان- مكان دفن زوجها- لم تعرف مكان القبر، كان قد مضى وقت طويل على عودتها.
وأضافت: عطاف امرأة قوية تجعل الحلم حقيقة، تتميز بالرصانة والقوة، فبعد وفاة زوجها كانت الأم والأب والعائلة الممتدة لطفليها، خاضت معارك حقوقية تجاه ولديها ومن أجل الحصول على الوصاية، وقامت ببناء منزل في قريتها بجانب أهلها، وتوفيت وهي تكمل بناء مدخله الخارجي.
وعن تطبيق ما آمنت به وكتبت على أرض الوقع، قالت جمعة: وفي حفل زفاف نجلها، كانت الدعوة باسمها، وأشارت إلى أنه ابن الشهيد، الأمر الذي اثار خلافا اجتماعيا عليها، إلا أنها كانت تدرك مكانتها وموقعها.
وذكرت جمعة، كانت يوسف امرأة ريفية تحب الجبال، ولديها اهتمام واسع بالزراعة، وتزرع الورود وتعرف اسماء النباتات الفلسطينية، ولديها خبرة عميقة بمعرفة الأعشاب والزهور وأماكن انتشارها وأوقات تفتح كل زهرة، والأحب لها كان (قرن الغزال)، وكانت طباخة ماهرة وتهتم بالأكلات الشعبية كالخبيزة، والسلق.
مديرة عام طاقم شؤون المرأة سريدا عبد حسين قالت، "كنت أسمع كثيراً عن عطاف يوسف منذ صغري، التقيت بشقيقتها في المدرسة، وكنّ مناضلات بالصفوف الوطنية الأولى، من خلال طاقم شؤون المرأة تعرفت عليها بشكل شخصي، وعرفتها امرأة عنيدة، قوية، ذكية، لديها رؤية ومبدأ، تعمل بما تؤمن به، كانت محبة جداً للقراءة وكثيرة الاطلاع، كرست حياتها للعمل الفدائي والكتابة ومساندة المرأة، تدافع عن فكرتها لآخر رمق".
"آمنت بالعدالة الاجتماعية وبمجتمع يحترم المرأة ويقوم على المساواة والديمقراطية، كانت تسرد الحكايات بأسلوب جميل وتقرب القارئ من الهموم اليومية للمرأة وما تمر به، وتكتب من خلال عمود (هموم غير عادية لأمرأة عادية) في ملحق صوت النساء الصادر عن طاقم شؤون المرأة بلغة خطاب قوية جداً وقدرة على الربط والتحليل، جميعها نابعة من تجربة شخصية مشربة بالنضال الوطني والثقافة العامة"، قالت سريدا.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها