تقرير: الحارث الحصني
بعد أربعة أيام من تشغيل خزان المياه الذي أقامته شركة مجلي فوق تلة في سهل طوباس، هدمت جرافات الاحتلال صباحا الخزان؛ بحجج واهية. في الجهة المقابلة، كانت التوقعات لدى جمعية سهل طوباس تشير إلى أن خزانها الذي أقامته مؤخرا، سيشغل في غضون شهر من اليوم، لكن الاحتلال قتل فرحة الفلسطينيين باستثمار مياههم الجوفية؛ لتوسعة تمددهم الزراعي في سهل طوباس.
فتشغيل الخزانين اللذين يتسع كل واحد منهما لألف كوب، جاءا بانفراجة للمزارعين (كما وصفه عدد منهم)، في سهل طوباس الذي بدأ منذ سنوات يلبس ثوب الزراعة المروية.
في الحادي والعشرين من شهر "أغسطس" هدمت جرافات الاحتلال الإسرائيلي خزان مياه سعته ألف كوب لشركة مجلي؛ بحجة تواجده في منطقة أثرية كما ادعى الاحتلال وقتها. غير أن الشركة التي تعنى بتزويد المواطنين بالمياه عملت بعد ذلك على إيجاد بديل لذلك الخزان، من خلال بناء خزان آخر بالقرب من الأول.
لكن ما حدث خلال أكثر من 3 أشهر سبقت تشغيل الخزان الثاني، أن مشكلة واجهت المزود والمستقبل للمياه، في إيصالها بشكل منتظم.
فعندما شغّل الخزان الثاني التابع للشركة قبل أربعة أيام، فرح المزارعون بذلك لعودة انتظام وصول المياه لمحاصيلهم. لكن الاحتلال قتل تلك الفرحة بهدمه للخزان.
بحسب تقرير ملخص لأبرز الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية خلال العام 2018، نشرته هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤخرا، فإن مجمع عمليات الهدم التي نفذتها سلطات الاحتلال بحق المنشآت الفلسطينية خلال العام الماضي، في طوباس بلغ، 34 عملية هدم.
قبل شهر من تاريخ اليوم، سلمت سلطات الاحتلال أصحاب الخزانين إخطارات بالهدم، بحجج يستند إليها الاحتلال كبنائها في مناطق أثرية، أو في مناطق "ج".
واقفا بجانب ركام الخزان قال علان صوافطة، وهو شقيق صاحب شركة مجلي الزراعية: "قدمنا في الثاني من شهر 10 بطلب ترخيص، لكن الاحتلال رفض ذلك".
مباشرة بعد أن أخطر الاحتلال في منتصف الأسبوع الماضي، بهدم الخزان خلال 96 ساعة من تاريخه، تحركت الشركة المالكة بشكل قانوني ووكلت عددا من المحاميين لمتابعة الأمر لكن دون فائدة.
وعندما سلمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في العاشر من الشهر الماضي، إخطارا بإزالة الخزان التابع لجمعية سهل طوباس، تقدمت الجمعية عن طريق محافظة طوباس وهيئة مقاومة الجدار باستصدار رخصة بناء له، لكن الاحتلال رفض منحهم ذلك.
يقول رئيس جمعية سهل طوباس حربي دراغمة أن الجمعية تقدمت بطلب ترخيص للخزان لكن الاحتلال رفض ذلك.
يكرر صوافطة كلاما مشابها له عندما أخبر مراسل "وفا" أن الشركة وكلت أربعة محامين لمتابعة القضية.
وبحسب ما نشره مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم" فإنه وفقًا لمعطيات سلطات الاحتلال، قدّم الفلسطينيون 5,475 طلب ترخيص بناء في الفترة الواقعة بين عام 2000 ومنتصف عام 2016، وتمت الموافقة على 226 طلبًا فقط، أي نحو 4% من الطلبات.
وأضافت "بتسيلم" ان "الإدارة المدنية" ترفض على نحوٍ شامل تقريبًا إصدار تراخيص بناء للفلسطينيين مهما كان نوع البناء (منازل، أو مبانٍ زراعية، أو مبانٍ عامّة، أو مرافق ومنشآت بُنى تحتيّة).
وعندما يبني الفلسطينيون دون ترخيص -لأنّه لا خيار آخر لديهم- تصدر سلطات الاحتلال أوامر هدم للمباني بعضها تنفّذه فعليًّا. وحيث لا ينفَّذ أمر الهدم يُجبر السكّان على العيش في انعدام يقين دائم.
وقد شوهدت بقايا ركام الصفائح الحديدية التي بنيت منها الخزانات الانسيابية، وكتل باطون مسلح بالحديد كانت تستخدم كقواعد.
يقول مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس معتز بشارات، إن الخزان التابع لشركة مجلي، يغذي خمسة تجمعات سكانية في المناطق المهددة من قبل الاحتلال وما يقارب 1000 دونم من الأراضي الزراعية والبيوت البلاستيكية.
من مكان مرتفع عن مستوى السهل، أمكن مشاهدة عشرات البيوت البلاستيكية التي تتمدد يوما بعد يوم، عدا عن مئات الدونمات المزروعة بمحاصيل متنوعة دون غطاء بلاستيكي كبير.
لكن بتوقعات محلية فإن موسم الزراعة المروية دخل فعلا في دائرة الخطر، كما علق على ذلك بشارات.
يؤكد ذلك صوافطة الذي قال: إن المضخة الأساسية المنصوبة عند البئر قد تعطلت بسبب أن الاحتلال قطع الأنابيب الحديدية التي تمتد منها حتى الخزان المهدوم، وهي قيد التشغيل.
"الآن لا ماء يضخ مثلما كان بعد الهدم الأول". قال صوافطة.
فعندما هدم الاحتلال الخزان في المرة الأولى صارت المياه تصل المزارعين بأوقات مختلفة دون انتظام تام، لكن في هذه المرة فإن المياه لن تصل أساسا بسبب تعطل المضخة الرئيسية.
مؤسسة "بتسيلم" الحقوقية نشرت على موقعها الإلكتروني في تقرير لها بعنوان "عدالة زائفة: مسؤولية قضاة محكمة العدل العليا عن هدم منازل الفلسطينيين وسلبهم"، أنه على مرّ السّنين أصدرت سلطات الاحتلال آلاف أوامر الهدم لمبانٍ فلسطينيّة، كما أصدرت سلطات الاحتلال 16,796 أمر هدم في الفترة الواقعة بين عام 1988 وعام 2017، نفّذت منها 3,483 أمرًا (نحو 20%)، ولا يزال 3,081 أمر هدم (نحو 18%) قيد المداولة القضائيّة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها