ما زال مشايخ "حماس" مصرين على إسقاط انفسهم في الهاوية، مدفوعين ذاتيًّا بطاقة العدائية المكتسبة من أدبيات وتعاميم تنظيمهم السياسي (جماعة الإخوان المسلمين).
عند كل منعطف تاريخي في حياة القضية، وفي اللحظات المصيرية، تفور عدائيتهم وأحقادهم بدون تحفظ على الوطنية الفلسطينية ورموزها.
كلّما اشتدت معركة الوجود مع المشروع الاستعماري الصهيوني العنصري الاحتلالي يؤكدون انسجامهم التام مع أعداء المشروع الوطني التحرري الفلسطيني، ومحاولة هؤلاء سلب الشعب الفلسطيني قراره الوطني المستقل، ويثبتون لمستأجريهم انهم في الخط الأمامي في الحرب على الثقافة والهوية الوطنية والقومية والإنسانية، واستعدادهم لأن يكونوا ألغاما تنفجر في قاطرة مشروع التحرر الفلسطيني والعربية التقدمي الديمقراطي التنويري.
يدرك مشايخ "حماس" ان الرئيس محمود عباس ليس رمزا فلسطينيا وحسب، بل رمز عالمي، ولو قدر لهم التجرد من العدائية والكراهية المسيطرة على قلوبهم ونفوسهم وبصيرتهم، وقرأوا قائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية رئيس الشعب الفلسطيني، الرئيس الإنسان محمود عباس لندموا، ولأدركوا – هذا إن كان عندهم منهج المقارنة - ولأدركوا تشابههم مع المرتدين، فأولئك في ذلك الزمن ارتدوا عن الإسلام وهو العقيدة الدينية الروحية للمسلمين مع بداية انتشار الدعوة، أما هم الآن فانهم مرتدون عن الوطنية وهي العقيدة السياسية للشعب الفلسطيني، في زمن تنامي اعتراف العالم بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وحقه في الاستقلال والحرية ودولة ذات سيادة، وفي زمن ينال فيه رئيس الشعب الفلسطيني احترام العالم كله لانسجامه وتوفيقه ما بين منهج النضال الوطني والكفاح من أجل التحرُّر وما بين ثقافة السلام ومكافحة الإرهاب .
قبل أن نؤشّر لمشايخ "حماس" عن جريمتهم الجديدة بحق الوطنية الفلسطينية ورموزها نود تذكيرهم بمقولة لوزير خارجية نظام رسمي عربي قال بالحرف الواحد: "نحن نستهدف ياسر عرفات لأننا نريد إسقاط الرمز"!!
 ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الإخوان المسلمين فرع فلسطين المسمى حماس الرئيس محمود عباس ولن تكون الأخيرة عبر الصورة التي نشروها في مواقعهم الاخبارية الالكترونية على الانترنت، لأننا ندرك ان مهمتهم في مساعدة اعداء المشروع الوطني على سلب الشعب الفلسطيني قراره المستقل، والغاء كيانيته السياسية مازالت قيد التنفيذ، فلا هم انتهت صلاحيتهم ولا أصحاب المشروع توقفوا.
ولعل تجاربنا على مدى اربعة وخمسين عاما من عمر الثورة الفلسطينية المعاصرة التي اطلقتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، وخمسة وخمسين عاما على تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، وخمسة وأربعين عاما على الاعتراف بالمنظمة ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني تجعلنا على درجة عالية من ادراك مقاصد حماس ومن يدفع لها ومن يحاول جرها إلى تحالفات إقليمية منافية لمبدأ استقلالية القرار الفلسطيني، فقد هلك كل الذين حاولوا الاستحواذ على المنظمة اخذ القضية كورقة مساومة مع القوى الكبرى وإسرائيل، وفشلوا في ضرب صورة الرموز الوطنية الفلسطينية في وعي الجماهير الفلسطينية والعربية تمهيدا للانقضاض على المنظمة والاستحواذ عليها واستخدامها لمصالحهم الحزبية والشخصية، والتزاما لتعهداتهم مع الحركة الصهيونية وإسرائيل، هلكوا وفشلوا لكن منظمة التحرير الفلسطينية بقيت، وبقي الشعب الفلسطيني سيد قراره، والصورة المفبركة المزيفة التي نشرها المسؤولون عن دعاية حماس للرئيس ابو مازن هي نفس صورة المشهد الذي اشتغل عليه رؤوس المشروع الصهيوني مع ازلامهم كانوا (حكامًا) على دول عربية لاخراجه ولكن بشخص الرئيس القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات، ولعلهم يعلمون ان ياسر عرفات قد امر احد مرافقيه بتدمير مبنى المقاطعة اثناء الحصار الاسرائيلي المشهود على من فيه وهو أولهم ان تمكن جنود الاحتلال من دخول المكان فيما هو (أبو عمار) على قيد الحياة لأن ابو عمار كان يدرك تأثير صورة صحفية تخرج من اركان مقر قيادته المدمر على معنويات الشعب الفلسطيني، صورة يبدو فيها اسيرا أو مقيدا، لذلك قال: "يريدوني اسيرا لكني اقول شهيدا شهيدا".
حقق مشايخ حماس فرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين رغبة شركائهم الغزاة المحتلين المستعمرين الإسرائيليين في رؤية رمز الشرعية والوطنية الفلسطينية اخطر فلسطيني على وجود اسرائيل كما وصفوه مقيدا مخفورا، ولو عبر صورة صممتها أوهامهم المتصلة بأوهام (إخوانهم الصهاينة) صمموها وهم يدركون انهم ينفذون رغبة ولو( صورية) عجزت عن تحقيقها ماديا وعلى ارض الواقع كل مؤامرات نظام تل ابيب والحركة الصهيونية والادارات الأميركية وعلى رأسها الآن إدارة ترامب، ومن المؤكد حتى اليقين انهم يعلمون مساعي هذه الأطراف التي اندمجت فيها قوى رسمية عربية في إضعاف الشخصية الوطنية الفلسطينية عبر اضعاف هيبة ومكانة رموزها شخصيا وسياسيا ومعنويا، أما تركيز الهجوم الآن على الرئيس ابو مازن فهم اعلم الناس بأهداف الحملة لأنهم الضلع المنفذ المباشر على الأرض، ولأنهم لم يقرأوا تاريخ ومصير من سبقوهم الذين كانوا مجرد أدوات في ايدي هذا النظام او ذاك في عملية اغتيال الشخصية الوطنية والكيانية السياسية للشعب الفلسطيني، وكانوا بمثابة حصان طروادة لكل من أراد اقتحام قلعة القرار الفلسطيني المستقل، وسلب الشعب الفلسطيني أهم إنجازاته التاريخية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد له .
وجب على القوى الوطنية الفلسطينية بدون استثناء وضع مشايخ "حماس" وقادتها امام مساءلة قانونية وتاريخية، لأنهم بهذه الجرائم ينفذون مآرب الاحتلال في تحويل نضال وكفاح الشعب الفلسطيني، والمشروع الوطني وهدف قيام دولة فلسطينية مستقلة الى مجرد صراع على السلطة، فيكونون بذلك قد استباحوا تاريخا عظيما من تضحيات الشعب الفلسطيني من اجل الحفاظ على شخصيته ومنع اي كان من احتكار التكلم باسمه، او تقرير مصيره، ما يعني بشكل آخر نسف الوعي الوطني للشعب الفلسطيني من جذوره .. ومحمود الزهار الذي فقأ بصيرته بيديه عندما قال ان فلسطين اصغر من عود مسواك على خريطة العالم لن يتمكن من رؤية شخصية هذا الشعب العظيم الوطنية العربية الانسانية حتى لو كان له الف الف عين، لأن اعمى البصيرة هو الذي يأتي بالدمار لنفسه ولمن حوله .
يبقى ان نذكر هؤلاء ان للرئيس ابو مازن مقولته الشهيرة: "لن اختم حياتي بخيانة" هذا الموقف الذي قاله نيابة عن كل فلسطيني حر، مناضل، يعي معنى الوطن والوطنية، ويعي المعنى الحقيقي لصراع الوجود مع المشروع الصهيوني الاستعماري الاحتلالي العنصري، هم يعلمون لكن ليس بأيديهم الا ان يكونوا أدوات مدموغة بتاريخ صلاحية.