يوم الثلاثاء الماضي، السادس والعشرين من هذا الشهر تموز، صوَّت مجلس النواب الأمريكي ذو الأغلبية للديمقراطيين، لصالح إدانة الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة دونالد ترمب، على خلفية تغريداته العنصرية ضد برلمانيات في الكونجرس من إثنيات مختلفة، من بينهن الصومالية إلهان عمر والفلسطينية رشيدة طليب مع اثنتَين أخريين، وجميعهن ولدن في أمريكا، والناخبون الذين صوّتوا لهن وأوصلوهن إلى عضوية الكونجرس هم مواطنون أمريكيون، ويقال إنَّ أربعة من الأعضاء الجمهوريين قد انضموا لهذا التصويت، الذي وجّه ضربة فاضحة إلى صورة الرئيس في أمريكا بنموذج ترمب، الذي صعد إلى البيت الأبيض بطريقة مثيرة للتساؤلات لم تنتهِ فصولها بعد.
وقد وصل دونالد ترمب إلى البيت الأبيض منذ أقل من أربع سنوات على خلفية "نريد أمريكا أقوى"، واتّضح بعد ذلك أنّه يعني أمريكا البيضاء، وليست أمريكا الواقعية التي تُشكّل الإثنيات الأخرى مكوّنات رئيسة لها، وعلى خلفية أمريكا البيضاء، فإنَّ ترمب منذ مجيئه فتحَ في الداخل والخارج العديد من المعارك الغبية الملتهبة. في الخارج أعلن عدّة حروب على خلفية التجارة الدولية، وعلى خلفية نفي المشتركات الدولية، ومحاولة العودة إلى النظريات البائدة نحو أحادية القطب الدولي الذي يريد التحكم في عالم مختلف، والتجاهل من طرف واحد كل مرجعيات النظام الدولي حول القضية الأعقد والأقدم وهي القضية الفلسطينية بجميع مفرداتها المقدسة كالقدس واللاجئين و"الأونروا" وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، والتعامل مع هذه القضية بمعايير الدرك الأسفل كأنّها صفقة عقارات بائسة يديرها سماسرة مثل ترمب يعملون معه في إدارته.
أمّا على الصعيد الداخلي، فمعروف أنَّه لا يوجد في أمريكا من يستطيع الادّعاء أنّه أمريكي أصلي، فسُكّانها الأصليون من الهنود الحمر أُبيدُوا بأغلبهم، والسكان الحاليون هم مهاجرون، منهم الأقدم، والمؤسس، ومنهم الأحدث والمشارك، لكن ترمب بوعي مرتبك حاول أن يقفز عن كل الأساسيات، ويؤسس لحرب أهلية ثانية في أمريكا بعد أن اغلق الجرح إلى الأبد، فهو يثير قضية المهاجرين واعتبارهم أعداء، وينبش جرح الأبيض والملون من جديد، رجل يجعل تغريداته تحكمه، أن يفهم، وصل بصورة الرئيس في أمريكا إلى الحضيض، ووصلت به التصفية إلى إدارة عديمة الخبرة وعديمة الكفاءة كما رأيناها بورشة البحرين، وفي صفقة القرن التي أصبحت تعادل العار ليس إلّا، حتى أن كبير مستشاريه جارد كوشنير ومستشاره جيسون غرينبلات اضطرّا في نهاية المطاف إلى الاعتراف بالفشل الكامل، وبالتالي فإنّ المأزق الذي يعاني منه ترمب حاليًّا، يدور في الأساس على رافعة فلسطينية ، فالشعب الفلسطيني وعلى رأسه قيادته هم الذين تصدوا وانتصروا دون أن يعتريهم الخوف.
لأنَّ الشعب الأمريكي منهمك في إعادة الهيبة لصورة الرئيس الأمريكي التي أساء إليها جدًّا دونالد ترمب، ونموذجه الفاشل المضطرب بحيث أنّه بعد التصويت الذي جرى ضد ترمب يوم الثلاثاء الماضي، فتح الباب مجدَّدًا أمام عنوان العزل، ترمب يتمزّق الآن بجنون بين احتمال الحياة والموت، البقاء أو الطرد، والطرد مترادفاته كثيرة قد تكون السجن لما تبقى له من عمر.
شريكه وحليفه في إسرائيل نتنياهو، انتشر مؤخّرًا خبر كريه عنه بأنَّ الزيارة التي تنوي إلهان عمر ورشيدة طليب القيام بها إلى فلسطين سيحاول منعها!!!
هل ترون كاد المجرم أن يقول خذوني!!! فلنراقب الأيام، لأنَّ فلسطين وشعبها وقيادتها لم تخلق هباء، بل هي صانعة البدايات.