قرب ضريحه المتّقد بشعلة المقام، علقت اثنتا عشرة من "الكوثرات" الفلسطينيات، ومعهن شقيقتهن من الجولان السوري المحتل، حادثة الفن الراوية، في لوحات ومنحوتات تسمو عندها الروح، بحنو الإبداع وجمالياته، وتتفتح على نحو ما ترى من طبيعة خلّاقة، لحارسات نارنا الدائمة، وهن كاملات في المعنى كمثل عاصرات الزيتون، وصائغات البيت، وأيقونات القصيدة، وتمامًا كمثل "بنات نعش الكبرى" الصاعدات درج الكون نحو سماوات المشيئة.
ثلاثة عشر عملاً من أعمال الحضارة الفلسطينية العربية الكنعانية، ببراعتها الإبداعية، ضمّتها إحدى قاعات متحف الزعيم الخالد ياسر عرفات لتشكل معرضا للفن التشكيلي، افتتح الأحد الماضي، وسيظل حتى الخامس عشر من كانون المقبل، لوحات ومنحوتات لها سحر الحكاية وحقيقتها، وحيث الراوية، الوان الزيت والاكريلك، وفحم على ورق، والطباعة على المرايا، والأصابع التي عجنت الطين والمعدن، على نحو ما تعجن لرغيف خبز العافية.
وحارسة نارنا الدائمة ليس هو عنوان هذا المعرض فحسب، وإنَّما هو دلالاته في المعنى والواقع والحقيقة أيضًا، لأنَّ نارنا الدائمة هي نار الحياة والحرية، بتطلعاتها الإنسانية التي تظلُّ ممكنة، طالما أنّ حارسات هذه النار على هذا القدر من جماليات الإبداع والتفتح والتنور الحداثوي الذي يقدّم فلسطين بحقيقتها التاريخية، حاضرة من حواضر المعرفة والفن والثقافة، في هذا العالم الذي ما زالت أحابيله الاستشراقية تحاول قتلها، تارة بالقذيفة، وأخرى بالسياسة، وثالثة بمنطق اقتصاد السوق بصفقاته الفاسدة..!!
أعمال الفلسطينيات "الكوثرات" اللواتي هن راعيات الحمل والولادة في كتاب كنعان، ومعهن شقيقتهن السورية الجولانية، هي أعمال المكنونات الحضارية، وقد تجلت كليمات للقلوب، في باحة تشع بتاريخ التكوين البطولي والإبداعي، لفلسطين الواقع والقضية والمعنى والتطلع.
وأعمالهن هذه، بروحها وتقنياتها الحداثوية، هي أعمال ترقى إلى مصاف الأعمال العالمية، في دنيا الفن والنحت التشكيلي، أنها منجزات حضارية بكل في الكلمة من معنى ولفلسطين أن تفخر بهذه المنجزات التي تتحقق رغم سياسات الاحتلال الإسرائيلي ومقترحاته العنصرية العنيفة، في الوقت الذي تسجل فيه تحديها لهذه السياسات وهذه المقترحات العدمية.
سأسمي هذا المعرض معرض العصر وصفقته الفلسطينية، ولصانعاته كل المحبة والتقدير، جمانة عبود، دنيا مطر، رقية اللولو، رنا بشارة، رنا البطراوي، رنا سمارة، سماح شحادة، سناء بشارة، شذى الصفدي، شروق اغبارية، علا زيتون، منال محاميد، نريمان فرج الله.
"حارسة نارنا الدائمة"
11-07-2019
مشاهدة: 234
محمود ابو الهيجاء
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها