ثمّة مواطن فلسطيني قرّر أن يتعامل مع الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" بما يعرف هذا الرئيس من منطق وسياسة، فعرض عليه عبر وسائط التواصل الاجتماعي صفقة مغرية قوامها 100 مليار دولار تدفع على مدار عشر سنوات وستكون حصة كل مواطن من هذا المبلغ خمسين دولارًا، مقابل أن يأخذ الرئيس الأميركي مستوطنيه الصهاينة إلى الولايات المتحدة، ويبني لهم المستوطنات هناك، وبمعنى آخر أن يشتري منه موقفه المنحاز لإسرائيل بالمطلق "ويكف شره" عن الشعب الفلسطيني، وقضيته المقدسة، وتطلعاته العادلة والمشروعة!!
بمثل هذه البساطة وهذا الوضوح يعلن هذا المواطن الفلسطيني أنّه إذا كان الأمر أمر صفقات في فهم الرئيس الأميركي وثقافته وسياسته، فإنّ لفلسطين صفقتها أيضًا، وهي مع رفض قيادتها الشرعية لصفقة "ترامب" الصهيونية، فإنّ صفقتها هذه هي صفقة العصر الحقيقية، من حيث أنها صفقة التحدي والمقاومة الشعبية، والتي سيذكرها التاريخ أكثر ممّا سيذكر ترامب وصفقته الفاسدة، بل سيمجدها التاريخ فيما سيلعن الصفقة الأميركية بعد أن يلقي بها إلى مزبلته.
قد يناقش الرئيس الأميركي أمر الصفقة الفلسطينية بينه وبين نفسه، غير أنّ هوس التطرف والعنصرية سيأخذه إلى توغّل أبعد في خرافات الرواية الصهيونية وأوهامها، وإلى تنمر أقبح ضد فلسطين وقضيتها، غير أنه لا شك سيعرف على وجه اليقين أن الرئيس أبو مازن حين قال لا الحاسمة لصفقته الفاسدة، إنما كان مستندًا إلى إرادة شعبه، وأمينا عليها، ومعبرًا عنها، وحاميًا لمشروعها الوطني التحرّري وساعيًا لتحقيق أهداف هذا المشروع العادلة، وسيعرف الرئيس الأميركي أكثر، وربما بعد فوات الأوان، أنّ من يستند إلى إرادة شعبه ويعبر عنها ويتصدّى لمهماتها، إنّما هو المنتصر في المحصلة، خاصّةً وهو الثابت على الثوابت المبدئية الوطنية، الذي لا يهاب تهديدا، ولا يخشى حصارًا، ولا يعرف تراجعا ولا مساومة، لأنَّ القدس درة التاج الفلسطيني، والحقوق المشروعة لشعبنا ليست للبيع، ودولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، غاية العدل والحق والسلام.
قد لا ينتظر صاحبنا الفلسطيني ردا من الرئيس الأميركي على عرضه، غير أنه أوصل الرسالة، رسالة المواطن الفلسطيني البسيط، على طريقته وبلغته السهلة  والواضحة، أن الفلسطينيين لن يبيعوا، ولا بأي حال من الأحوال، حقوقهم ودرة تاجهم ومستقبلهم، مستقبل الدولة السيدة، ولو بذهب الأرض كله، ولن يشتري الفلسطينيون سوى هذا المستقبل، وإن كان الثمن من دمهم وقوت يومهم، ولطالما دفعوا هذا الثمن، وما زالوا يدفعونه وسيواصلون دفعه باسم وبرسم إرادتهم الحرة، بلا أي تردد ولا أي تراجع، حتى يوم انتصارهم الأكيد.