يعرف المستعمر الأميركي ديفيد فريدمان سفير ترامب لدى نظام تل أبيب العنصري أنَّ منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) قد أدرجت ثلاثة عشر موقعًا في فلسطين على رأسها البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة على قائمة التراث الثقافي والطبيعي العالمي.
ويعلم هذا العنصري أنه بمطرقته هذه إنما يهدم منظومة عالمية دولية تسعى للحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي لأمة الإنسان دون تفريق بين أعراقها وألوانها وأجناسها وأديانها كلازمة لابد منها لنشر السلام في قلوب وعقول شعوب الأرض وأممها.. ولأنّه يدرك جيّدًا ما يفعل بمطرقته وهو يدك جدارًا في نفق في أرض سلوان الفلسطينية المحتلة بالقدس عاصمة فلسطين المحتلة أيضًا، تحت عنوان البحث عن آثار يهودية، يعلم كما يعلم نتنياهو أنّها ما كانت هنا أبدًا، ولن يجد العلماء الباحثون ولو أثرًا صغيرًا حقيقيًّا لها، لكنّه رغم ذلك بدا في غاية السعادة (كالمجرمين) الذين يتلذذون بجرائمهم ورؤية ضحاياهم كيف يتعذبون، وإلا ما كان سفيرا للرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يعلن في كل مناسبة عدائيته للمنظمة الأممية ومؤسساتها، ويفتخر بخرقه ومخالفته لقوانينها وسلوكيات وقواعد العمل السياسي والدبلوماسي الناظمة للعلاقات بين الدول والحكومات.
عكس فريدمان بسلوكه وأفعاله وتصريحاته الخطوط العريضة الأساسية لسياسة إدارة ترامب فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ومصير فلسطين والوطن العربي، ومنطقة الشرق الأوسط، والتي يمكن وصفها بعملية هدم كل رمز حضاري كان ومازال قائما، وإعادة تشكيل المنطقة كلها وفق مخطط أميركي استعماري تسلم إسرائيل سدة القيادة لتنفيذه مع ضمان بتأمين كل ما يلزم لتطبيقه وفق المرسوم.. فما فعله فريدمان انه بدأ بيديه جريمة سحق رأس التراث العالمي في مدينة الله (القدس) بمطرقة.
لا يهدم سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى دولة الاحتلال (إسرائيل) جداراً داخل نفق في عمق أرض فلسطينية محتلة في سلوان في القدس الشرقية وحسب، بل يكسر رأس القانون الدولي، والشرعية الدولية، ويعلن ابتداء عدوان أميركي جديد على الشعب الفلسطيني، وعلى سيادة شعب فلسطين على أرضه ومقدساته، كما أنه يوجه بسلاح المطرقة هذه المرة ضربة موجعة قاسية مزدوجة لقيادة المملكة الأردنية الهاشمية باعتبارها الوصي على الأماكن المقدسة في القدس، وللأمة العربية من المشرق العربي حيث كانت الورشة الأميركية في البحرين التي اندلقت فيها الوعود الأميركية الكاذبة لمساعدة شعب فلسطين اقتصاديا، وحتى المغرب العربي، حيث يرأس ملك المملكة المغربية الشقيقة محمد السادس لجنة القدس الدائمة في منظمة التعاون الإسلامي، بعد والده الملك الحسن الثاني – رحمه الله - منذ العام 1975.
جسدت مشاركة سفير الولايات المتحدة الأميركية ديفيد فريدمان في حفر ما يسمى (طريق الحجاج اليهود) العدوان الأميركي المباشر على الشعب الفلسطيني وسيادته التاريخية والأبدية على أرض وطنه فلسطين، واثبتت للقاصي والداني تفاصيل وأهداف وأبعاد المشروع (الأميركي-الإسرائيلي) الاحتلالي الاستعماري العنصري.. أما الذي يعتقد بإمكانية إنشاء علاقة ثقة وجبهة تحالف مع إدارة ترامب ونظام تل أبيب العنصري فهو أعمى البصيرة، أو أنه يتعامى عن مشروع تهويد مدينة الله المقدسة، وتمكين الغزاة المحتلين من كل حجر في الأماكن المقدسة حتى إزالة معالم إرث وتاريخ وحاضر الشعب الفلسطيني والأمة العربية وأمة الإنسان الحضارية.
تعجب سياسيون إسرائيليون من قدرة سفير ترامب لدى النظام العنصري في تل أبيب على بلوغ مستوى من التطرف والعنصرية ما بلغها إلا رؤساء المستوطنين المجرمين، ونعتقد أن سؤالا قد حام كثيرا في أذهانهم فيما إذا كان فريدمان يمثل المستوطنين في إسرائيل أو أنه ممثل المستوطنين في الإدارة الأميركية ويباشر عمله في (السفارة الأميركية) باعتبارها أحدث مستوطنة أميركية إسرائيلية أقيمت على أرض محتلة في القدس كشاهد على الشراكة الاستراتيجية، توأمان يعتقدان بالاحتلال والاستيطان والمجازر بحق الشعوب الأخرى وإبادتها إن أمكن كسبيل لإنشاء كيانات ومنظومات سياسية قائمة على نظرية التفوق العرقي، عبر تزييف التاريخ وتحريف الكتب المقدسة وإعادة تأليفها وتكريسها كجزء رئيس من ثقافة الناس في الدنيا ليسهل عليهما فيما بعد الوصول إلى أهدافهما المشتركة، لإدراكهما أن السيطرة على فلسطين تعني السيطرة على مركز المنطقة الحضارية في الدائرة التي يقع البحر الأبيض المتوسط في مركزها.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها