كشف الكاتب الاسرائيلي الكبير جدعون ليفي في مقال له في صحيفة "هآرتس" أمس عن ان "ما يحدث الآن في مفاوضات السلام بين السلطة واسرائيل هو كارثة لأن الولايات المتحدة وسيط غير نزيه تحاول أن تفرض حل استسلام على الفلسطينيين".
وقال ليفي: "اذا فشلت جهود جون كيري فستحدث كارثة؛ واذا نجح فستحدث كارثة أكبر وإن الفشل قد ينذر بما يسميه المحلل توماس فريدمان (انتفاضة بروكسل)، وهي الانتفاضة الثالثة، وهي في هذه المرة عقوبات ومقاطعات دولية على اسرائيل وسيدفع الفشل الفلسطينيين نحو الأمم المتحدة وربما يدفع الولايات المتحدة ايضا الى اسقاط مظلة الفيتو الآلية العمياء من فوق اسرائيل والفشل قد يشعل مرة اخرى نار انتفاضة في المناطق".
وتابع " لكن النجاح ينذر بسوء أكبر فكيري ليس وسيطا نزيها والولايات المتحدة لا يمكن أن تكون كذلك حتى في عهد باراك اوباما". وأضاف: "إن حليفة مطلقة لطرف واحد لا يمكن أبدا أن تكون وسيطا نزيها بين الطرفين لا في عالم الاعمال ولا في الدبلوماسية، والحليفة التي لا تستغل التعلق المطلق بالدولة التي ترعاها لتدفع بها قدما الى اتفاق عادل لا يمكن أن تقود الى انجازات حقيقية لحل المشكلات المصيرية".
وكشف ليفي عن "إن اسم اللعبة الآن هو استغلال ضعف السلطة الفلسطينية، فحينما يناضل العالم العربي أنظمة حكمه والعالم الغربي تعب من الصراع الذي لا نهاية له، أصبح الفلسطينيون يقفون وحدهم في مواجهة مصيرهم وتحاول اميركا أن تركعهم وتجعلهم يستسلمون".
وقال:"اذا نجحت اميركا فسيكون ذلك بكاء لأجيال طويلة". واضاف "ليس الحديث فقط عن عدم عدل بل عن عدم قدرة على البقاء، واذا نجح كيري في جهوده ووقع الفلسطينيون على كتاب استسلام فسيبقى 80 بالمئة من المستوطنين في مواقعهم؛ ولن تقسم القدس في الحقيقة أو لن تقسم الى درجة أن تجعل عاصمتين؛ وسيبقى غور الأردن مع اسرائيل مستأجرا أو مستعارا؛ وستكون الدولة الفلسطينية الوهمية منزوعة السلاح؛ وستبقى غزة محاصرة وسجينة ومنسية؛ وستبقى حماس التي تمثل نحو نصف أبناء الشعب الفلسطيني منبوذة؛ وسيعترف بأن اسرائيل دولة يهودية كاملة الحل بتوقيع السلطة الفلسطينية؛ وسينفى حق العودة الى الأبد عن كل المغادرين واللاجئين الفلسطينيين مهما كانوا؛ وستستجاب مطالب الترتيبات الأمنية كلها، لاسرائيل وحدها بالطبع" موضحا" أما الفلسطينيون الذين قتل منهم منذ 2000 نحو 7 آلاف فليست عندهم أية مشكلة امنية وحياتهم وسلامهم مضمونان محفوظان جيدا".
وتساءل ليفي: "فماذا سيحدث آنذاك؟ هل سيبقى هذا الحل وقتا طويلا؟ وهل سيطأطئ ملايين الفلسيطينيين رؤوسهم استسلاما ويعودون في فرح الى حياتهم العادية الى جانب 80 بالمئة من جيرانهم غير المدعوين الشرهين الى العقارات والمسيحانية والسلب الذين يسكن عدد منهم في اراضيهم الخاصة؟ وهل سيحتفلون باستقلالهم في أزقة شعفاط عاصمتهم الأبدية الجديدة؟ وهل سينسى اللاجئون في المخيمات وفي اماكن الغربة حلمهم؟ وهل ستضع حماس سلاحها؟ وكل ذلك لأن كيري ضغط فاستسلم محمود عباس؟".
وقال" لن يحدث كل ذلك أبدا، بالطبع فكيري يعرض استسلاما وقد يضطر عباس الى التوقيع عليه وينظر اوباما الى الآن فيما يجري من بعد آمن لئلا يلصق الفشل به لكن الفشل مضمون وإن أحرز النجاح ايضا".
وتابع "يوجد احتمال (ضعيف) لأن تنفذ الاتفاقات" متسائلا: "فماذا سيكون آنذاك؟".
وقال: "بعد ذلك بزمن قصير (أو طويل) سيتمرد الفلسطينيون مرة اخرى تمردا لا يقل عدلا عما كان ولن يقبل اللاجئون الذين لم تحل مشكلتهم، والفلاحون الذين لم تعد اراضيهم، وحماس التي بقيت مقصاة، وحركات اليسار، لن يقبلوا الاتفاق ولا يمكن أن يقبلوه".
وحسب ليفي "حينها سيتحقق شوق اكثر الاسرائيليين المأمول لأنهم سيستطيعون مرة اخرى أن يقولوا على رؤوس الاشهاد: هل ترون؟ نحن تنازلنا وتنازلنا وهم خانوا؛ ونحن أعطينا وأعطينا، وعادوا الى الارهاب.. وسيبتعد أكثر احتمال حل حقيقي ربما الى الأبد هذه المرة حقا".
ويقول الكاتب "التقيت فريدمان الذي كان عائدا من محادثاته في القدس ورام الله في الاسبوع الماضي صدفة في المطار وقال إنه انطبع في نفسه أن شيئا ما يحدث تحت السطح أكثر مما يبدو في الظاهر، فامتلأ قلبي بخوف كبير".