ونحن في انتظار الصيغة النهائية التي سيقدمها جون كيري، هذا الرجل الذي لا يعرف التعب، ونحن في انتظار الطريقة التي ستقدم بها الصيغة النهائية, يجب ان لا نكتفي بالنظر الى انفسنا فقط, انقسام ليس له قرار رغم مخاتير التصريحات المفرطة في السطحية من المصالحة, ووضع حرج جدا وغير مسبوق لقطاع غزة تحت ادارة حماس مع الدولة المصرية, وتهديد في قطاع غزة تحت سقف طائرات الاباتشي مع امكانية مفتوحة للاغتيالات, وموجة من التهديدات العنصرية المفرطة في الانحدار الاخلاقي من وزراء واحزاب وصحافة اليمين الاسرائيلي بشقيه العلماني والديني, ووضع عربي يحيط بنا لا نهاية قريبة له في المدى المنظور!
يجب علينا ان نوسع النظرة, ونرى ماذا يحدث للآخرين حولنا وخاصة عند جيراننا الاسرائيليين, فهم شركاء لنا سلبا او ايجابا, هم قوة الاحتلال, ودولة الاحتلال, وبشاعة الاستيطان, وعدوانية التفاصيل اليومية ابتداءمن اعدام الاشجار ومطاردة الاطفال وصولا الى خططهم الاجرامية في فرض الامر الواقع سواء على مستوى القدس او المستوطنات, او القبول الحقيقي بفكرة الدولة الفلسطينية المستقلة, يجب ان ننظر اليهم، فان اللعبة في داخل اسرائيل تعطي علامات واضحة بانها يمكن ان تتغير, بل هناك حوار صاخب داخل اسرائيل يشمل كل ما كان يطلق عليه المسلمات المقدسة, ابتداء من هذه البدعة التي القى بها نتنياهو في السوق السياسية بيتنا وبينهم, واعني بها يهودية الدولة, ولا اعرف كيف يطلب منا نتنياهو ان نوافق على هذه البدعة الخرقاء دون حتى ان يكون هناك قاعدة نتفق عليها ولو بالحد الادنى بين الاسرائيلين انفسهم عن ماهية اليهودية, وكيف تكون الدولة اليهودية؟ وهل سيسحب نتنياهو الوثائق التي قدمها عن اسرائيل للامم المتحدة حتى تضل عضوا, ام سيكون الامر اجباريا بالنسبة لنا فلسطينيا, واختياريا بالنسبة لبقية اعضاء المجتمع الدولي؟
ولكن حتى قبل الوصول الى هذه المرحلة, فان الحوار الصاخب حاليا في اسرائيل شمل الاستيطان وهو جوهر اللعبة, فقد تكشف ان هذا الاستيطان ليس مسلمة مقدسة, فهناك استيطان عقائدي, وهناك استيطان تجاري, وبرغماتي, وقابل للبيع والشراء, ولقد كانت تصريحات اولمرت الاخيرة التي قال فيها :ان الخرائط التي سبق له ان قدمها للاميركيين حول الضرورات والاحتياجات الامنية لاسرائيل لم تكن تتضمن البقاء الاسرائيلي في الاغوار! وان جنرالات الجيش ومسؤولي الاجهزة الامنية هم انفسهم الذين لم يشيروا عليه بوضع الاغوار ضمن الضرورات الامنية, فمن اين جاءت هذه الاكذوبة التي يرددها نتنياهو؟
ثم جاءت قنبلة افغدور ليبرمان, هل هناك من يزايد في اسرائيل على يمينية ليبرمان؟ فقد اعلن انه على استعداد لاخلاء بيته في احدى المستوطنات لقاء اتفاق سلام شامل مع الفلسطينيين.
كل هذا يحدث داخل اسرائيل, في بيت الجيران, بينما نحن مشغولون عنه بالصراخ المتشنج في قباء بيتنا العربي! ليس هكذا تدار السياسة, مع العلم بان اللعب مع حكومة نتنياهو, ومع موقع نتنياهو في مكتب رئيس الوزراء, ما زال على الخفيف فاميركا تدفع بكل ثقلها, والحصافة تقتضي بان نكون حريصين من اطلاق هذه اللاءات, المزيد من الصبر والتعقل مطلوب في هذه الحالة, واكبر اكذوبة يمكن ان نسمعها ان هناك احدا في اسرائيل لا يحفل ولا يهتم بالسياسة الاميركية وتداعياتها, فلقد رأينا الصراخ الهستيري في اسرائيل عندما امسكت الولايات المتحدة بنفسها الملف النووي الايراني, ووقعت الاتفاق مع ايران بعيدا عن اسرائيل, فأين هو هذا الصراخ اليوم؟ نحن لا نسمع شيئا كأنما صمت القبور .
وانظروا كيف تدار الامور في الملف السوري, لا احد مستعجلا سوى الضحايا السوريين, لان الدول الكبرى التي تمسك بالملف تفضل عدم الاستعجال بدلا من التسرع مع امكانية ارتكاب اخطاء قاتلة بل هناك من المحللين من يعتقد ان جنيف واحد الذي افضى الى جنيف 2 قد يفضي الى عملية طويلة الأمد وليس الى اتفاق سريع, ويجب ان ننتبه الى ان نموذج "قل كلمتك وامض" لا يناسب على الاطلاق نموذج قضيتنا الفلسطينية.