على نحو ما، وفي المجاز بلاغة ورؤيا، تشبه القدس اليوم "روما" التي تقود كل الطرق إليها، وبالطبع نحن نعني طرق الحل العادل التي شقها الرئيس أبو مازن في سبيل سلامتها وحريتها وازدهارها، ومن اجل عودتها عاصمة للسلام والمحبة والتسامح للعالم بأسره، وليس لفلسطين وحدها فحسب، وبهذا المعنى، ولهذا السبب فإن هذه الطرق لا تؤدي لغير الرئيس أبو مازن لكي تقود إلى القدس.
لا واقع لطرق صحيحة اليوم غير طُرق الرئيس أبو مازن، التي لن تستطيع الدروب الالتفافية الأميركية، أن تكون بديلًا عنها، هذه التي يمضي بها مبعوثا ترامب، قهرمانا سياسته الشرق أوسطية، جاريد كوشنر وجيسون غرينبلاث.
إنها دروب العبث وإضاعة المزيد من الوقت على فرص التسوية العادلة ليس إلا، ولن تكون سالكة أبدا، فالقدس عاصمة الروح والمعنى والهوية والتطلع الإنساني النبيل، لأمة العرب جميعًا مسلمين ومسيحيين، ولن يكون بمقدور احد في هذه المنطقة تجاوز ذلك، ولابد في النهاية من طُرق الرئيس أبو مازن التي هي في واقع الحل العادل، كل الطرق.
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ابلغ "كوشنير" يوم أمس أن "القدس هي مفتاح تحقيق السلام في المنطقة ويجب تسوية قضيتها ضمن قضايا الوضع النهائي" وبمعنى أن إعلان الرئيس الأميركي اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ورفع قضيتها عن طاولة المفاوضات لا معنى له ولا قيمة ولا مستقبل".
وللمجاز رؤيا وبلاغة أخرى، لا بد منها هنا، يشبه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، آخر إمبراطور في الإمبراطورية الرومانية، نيرون الذي احرق "روما" ذلك العصر فلم تعد الطرق تقود إليها..!! وفيما نرى، ونحن أصحاب الرؤية الصحيحة، لأن لنا البصيرة النبوية بحكم أنها بصيرة الجرح الصحيح لعدالة قضيته، ونزاهة تطلعاته الإنسانية العادلة، بهذه البصيرة نرى الصفقة الأميركية الصهيونية، وكأنها جذوة ملتهبة، وبقدر ما ستظل إدارة ترامب ممسكة بها، فإنها في المحصلة لن تحرق سوى أصحابها، وبالطبع نحن نعني الحريق السياسي، الذي لن يبقي كثيرًا من الطرق تقود إلى واشنطن..!!
على إدارة ترامب أن تقرأ في لسان العرب معنى وقيمة المجاز والكناية وأهميتهما لجماليات التعبير وصوابه، ثمة الكثير من المعرفة ينقص هذه الإدارة، لا في اللغة العربية وأساليب التعبير فيها وحسب، إنما كذلك في حقيقة ومعنى الهوية التي تكونها هذه اللغة وتقولها، وتحتضن تاريخها وتعبر عن أصالته، وتؤكد حضوره ميراثا وتجارب ودروسا، ولهذا لم تدرك إدارة ترامب أن بلاغة الرئيس أبو مازن التي كثفها بكلمة واحدة رفض بها مشروع ترامب التصفوي، إنما هي أولاً بلاغة الدم الفلسطيني دم الشهداء البررة بلاغة الموقف الوطني ، بلاغة القرار والفعل، الذي يرى دائما في هوية اللغة، ولغة الهوية، كلمته المناسبة التي تجعل من طرق الحل العادل اليوم كلها لا تؤدي إلى غير صاحبها الرئيس أبو مازن.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها